وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وبذلك كانت هذه الآية أصلا في تنزيه الله تعالى عن الجوارح والحواس والأعضاء عند أهل التأويل والذين أثبتوا لله تعالى ما ورد في القرآن مما نسميه بالمتشابه فإنما أثبتوه مع التنزيه عن ظاهره إذ لا خلاف في إعمال قوله ( ليس كمثله شيء ) وأنه لا شبيه له ولا نظير له .
وإذ قد اتفقنا على هذا الأصل لم يبق خلاف في تأويل النصوص الموهمة التشبيه إلا أن تأويل سلفنا كان تأويلا جمليا وتأويل خلفهم كان تأويلا تفصيليا كتأويلهم اليد بالقدرة والعين بالعلم وبسط اليدين بالجود والوجه بالذات والنزول بتمثيل حال الإجابة والقبول بحال نزول المرتفع من مكانه الممتنع إلى حيث يكون سائلوه لينيلهم ما سألوه . ولهذا قالوا : طريقة السلف أسلم وطريقة الخلف أعلم .
ولما أفاد قوله ( ليس كمثله شيء ) صفات السلوب أعقب بإثبات صفة العلم لله تعالى " وهي من الصفات المعنوية " وذلك بوصفه ب ( السميع البصير ) الدالين على تعلق علمه بالموجودات من المسموعات والمبصرات تنبيها على أن نفي مماثلة الأشياء لله تعالى لا يتوهم منه أن الله منزه عن الاتصاف بما اتصفت به المخلوقات من أوصاف الكمال المعنوية كالحياة والعلم ولكن صفات المخلوقات لا تشبه صفاته تعالى في كمالها لأنها في المخلوقات عارضة وهي واجبة لله تعالى في منتهى الكمال فكونه تعالى سميعا وبصيرا من جملة الصفات الداخلة تحت ظلال التأويل بالحمل على عموم قوله تعالى ( ليس كمثله شيء ) فلم يقتضيا جارحتين .
ولقد كان تعقيب قوله ذلك بهما شبيها بتعقيب المسألة بمثالها .
A E ( له مقاليد السماوات والأرض ييسط الرزق لمن يشاء ويقدر إنه بكل شيء عليم [ 12 ] ) خبر رابع أو خامس عن الضمير في قوله ( وهو على كل شيء قدير ) وموقع هذه الجملة كموقع التي قبلها تتنزل منزلة النتيجة لما تقدمها لأنه إذا ثبت أن الله هو الولي وما تضمنته الجمل بعدها إلى قوله ( يذرؤكم فيه ) من انفراده بالخلق ثبت أنه المنفرد بالرزق .
والمقاليد : جمع إقليد على غير قياس أو جمع مقلاد وهو المفتاح وتقدم عند قوله تعالى ( له مقاليد السماوات والأرض ) في سورة الزمر .
وتقديم المجرور لإفادة الاختصاص أي هي ملكه لا ملك غيره .
والمقاليد هنا استعارة بالكناية لخيرات السماوات والأرض شبهت الخيرات بالكنوز وأثبت لها ما هو من مرادفات المشبه به وهو المفاتيح والمعنى : أنه وحده المتصرف بما ينفع الناس من الخيرات . وأما ما يتراءى من تصرف بعض الناس في الخيرات الأرضية بالإعطاء والحرمان والتقتير والتبذير فلا اعتداد به لقلة جدواه بالنسبة لتصرف الله تعالى .
وجملة ( يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ) مبينة لمضمون جملة ( له مقاليد السماوات والأرض ) . وبسط الرزق : توسعته وقدره كناية عن قلته وتقدم عند قوله ( الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ) في سورة الرعد .
وجملة ( إنه بكل شيء عليم ) استئناف بياني هو كالعلة لقوله ( لمن يشاء ) أي أن مشيئته جارية على حسب علمه بما يناسب أحوال المرزوقين من بسط أو قدر .
وبيان هذا في قوله الآتي ( ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض ) .
( شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه ) انتقال من الامتنان بالنعم الجثمانية إلى الامتنان بالنعمة الروحية بطريق الإقبال على خطاب الرسول A والمؤمنين للتنويه بدين الإسلام وللتعريض بالكفار الذين أعرضوا عنه . فالجملة ابتدائية .
ومعنى ( شرع ) أوضح وبين لكم مسالك ما كلفكم به . وأصل ( شرع ) جعل طريقا واسعة وكثر إطلاقه على سن القوانين والأديان فسمي الدين شريعة . فشرع هنا مستعار للتبيين كما في قوله ( أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ) وتقدم في قوله تعالى ( لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ) في سورة العقود .
والتعريف في ( الدين ) تعريف الجنس وهو يعم الأديان الإلهية السابقة . و ( من ) للتبعيض .
والتوصية : الأمر بشيء مع تحريض على إيقاعه والعمل به