وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وعلى كون الشخص صادقا في معاملته أو عهده غير خالط به شيئا من الحيلة أو الخيانة فيقال : فلان رجل مستقيم أي صادق الخلق وإن أريد صدقة مع غيره يقال : استقام له أي استقام لأجله أي لأجل معاملته منه . ومنه قوله تعالى ( فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم ) والاستقامة هنا بهذا المعنى وغنما عدي بحرف ( إلى ) لأنها كثيرا ما تعاقب اللام يقال : ذهبت له وذهبت إليه والأحسن أن إيثار ( إلى ) هنا لتضمين ( استقيموا ) معنى : توجهوا لأن التوحيد توجه أي صرف الوجه إلى الله دون غيره كما حكى عن إبراهيم ( إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين ) أو ضمن ( استقيموا ) معنى : أنيبوا أي توبوا من الشرك كما دل عليه عطف ( واستغفروه ) .
والاستغفار : طلب العفو عما فرط من ذنب أو عصيان وهو مشتق من الغفر وهو الستر .
والمعنى : فاخلصوا إلى الله في عبادته ولا تشركوا به غيره واسألوا منه الصفح عما فرط منكم من الشرك والعناد .
( وويل للمشركين [ 6 ] الذين لا يؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم كافرون [ 7 ] ) وعيد للمشركين بسوء الحال والشقاء في الآخرة يجوز أن يكون من جملة القول الذي أمر الرسول A أن يقوله فهو معطوف على جملة ( إنما أنا بشر ) .
ويجوز أن يكون كلاما معترضا من جانب الله تعالى فتكون الواو اعتراضية بين جملة ( قل إنما أنا بشر ) وجملة ( قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض ) أي أجبهم بقولك : أنا بشر مثلكم يوحي إلي ونحن أعتدنا لهم الويل والشقاء إن لم يقبلوا ما تدعوهم إليه فيكون هذا إخبارا من الله تعالى .
وذكر المشركين إظهار في مقام الإضمار ويستفاد تعليق الوعيد على استمرارهم على الكفر من الإخبار عن الويل بكونه ثابتا للمشركين والموصوفين بالذين لا يؤتون الزكاة وبأنهم كافرون بالبعث لأن تعليق الحكم بالمشتق يؤذن بعلية ما منه الاشتقاق ولأن الموصول يؤذن بالإيماء إلى وجه بناء الخبر .
A E فأما كون الشرك وإنكار البعث موجبين للويل فظاهر وأما كون عدم إيتاء الزكاة موجبا للويل فذلك لأنه حمل عليهم ما قارن الإشراك وإنكار البعث من عدم الانتفاع بالأعمال التي جاء بها الإسلام فذكر ذلك هنا لتشويه كفرهم وتفظيع شركهم وكفرانهم بالبعث بأنهما يدعوانهم إلى منع الزكاة أي إلى القسوة على الفقراء الضعفاء وإلى الشح بالمال وكفى بذلك تشويها في حكم الأخلاق وحكم العرف فيهم لأنهم يتعيرون باللؤم ولكنهم يبذلون المال في غير وجهه ويحرمون منه مستحقيه .
ويعلم من هذا أن مانع الزكاة من المسامين له حظ من الويل الذي استحقه المشركون لمنعهم الزكاة في ضمن شركهم ولذلك رأي أبو بكر قتال ما نعي الزكاة ممن لم يرتدوا عن الإسلام ومنعوا الزكاة مع المرتدين ووافقه جميع أصحاب رسول A .
ف ( الزكاة ) في الآية هي الصدقة لوقوعها مفعول ( يؤتون ) ولم تكن يومئذ زكاة مفروضة في الإسلام غير الصدقة دون تعيين نصب ولا أصناف الأرزاق المزكاة وكانت الصدقة مفروضة على الجملة ولبعض الصدقة ميقات وهي الصدقة قبل مناجاة الرسول A قال تعالى ( يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ) .
وجملة ( وهم بالآخرة هم كافرون ) إما حال من ضمير ( يؤتون ) وإما معطوفة على الصلة .
وضمير ( هم كافرون ) ضمير فصل لا يفيد هنا إلا توكيد الحكم ويشبه أن يكون هنا توكيدا لفظيا لا ضمير فصل ومثله قوله ( وهم بالآخرة هم كافرون ) في سورة يوسف وقوله ( إنني أنا الله ) في سورة طه .
وتقديم ب ( الآخرة ) على متعلقة وهو ( كافرون ) لإفادة الاهتمام .
( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم أجر غير ممنون [ 8 ] ) استئناف بياني نشأ عن الوعيد الذي توعد به المشركون بعد أن أمروا بالاستقامة إلى الله واستغفاره عما فرط منهم كأن سائلا يقول : فإن اتعظوا وارتدعوا فماذا يكون جزاؤهم فأفيد ذلك وهو أنهم حينئذ يكونون من زمرة الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم أجر غير ممنون وفي هذا تنويه بشأن المؤمنين .
وتقديم ( لهم ) للاهتمام بهم .
والأجر : الجزاء النافع عن العمل الصالح أو هو ما يعطونه من نعيم الجنة