وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والعوج بكسر العين أريد به : اختلال المعاني دون الأعيان وأما العوج بفتح العين فيشملها وهذا مختار أئمة اللغة مثل ابن دريد والزمخشري والزجاج والفيروزبادي وصحح المرزوقي في شرح الفصيح أنهما سواء وقد تقدم عند قوله تعالى ( ولم يجعل له عوجا ) في سورة الكهف وقوله ( لا ترى فيها عوجا ولا أمتا ) في سورة طه .
وهذا ثناء على القرآن بكمال معانيه بعد أ أثني عليه باستقامة ألفاظه .
ووجه العدول عن وصفه بالاستقامة إلى وصفه بانتفاء العوج عنه التوسل إلى إيقاع ( عوج ) وهو نكرة في سياق ما هو بمعنى النفي وهو كلمة ( غير ) فيفيد انتفاء جنس العوج على وجه عموم النفي أي ليس فيه عوج قط ولأن لفظ ( عوج ) مختص باختلال المعاني فيكون الكلام نصا في استقامة معاني القرآن لأن الدلالة على استقامة ألفاظه ونظمه وقد استفيدت من وصفه بكونه عربيا كما علمته آنفا .
وقوله ( لعلهم يتقون ) مثل قوله ( لعلهم يتذكرون ) وذكر هنا ( يتقون ) لأنهم إذا تذكروا يسرت عليهم التقوى ولأن التذكر أنسب بضرب الأمثال لأن في الأمثال عبرة بأحوال الممثل به فهي مفضية إلى التذكر والاتقاء أنسب بانتفاء العوج لأنه إذا استقامت معانيه واتضحت كان العمل بما يدعو إليه أيسر وذلك هو التقوى .
( ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون ورجلا سلما لرجل هل يستوين مثلا الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون [ 29 ] ) استئناف وهو من قبيل التعرض إلى المقصود بعد المقدمة فإن قوله ( ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل ) توطئة لهذا المثل المضروب لحال أهل الشرك وحال أهل التوحيد وفي هذا الانتقال تخلص أتبع تذكيرهم بما ضرب لهم في القرآن من كل مثل على وجه إجمال العموم استقصاء في التذكير ومعاودة للإرشاد وتخلصا من وصف القرءان بأن فيه من كل مثل إلى تمثيل حال الذين كفروا بحال خاص .
A E فهذا المثل متصل بقوله تعالى ( أفمن شرح الله صدره للإسلام ) إلى قوله ( أولئك في ضلال مبين ) فهو مثل لحال من شرح الله صدرهم للإسلام وحال من قست قلوبهم .
ومجيء فعل ( ضرب الله ) بصيغة الماضي مع أن ضرب هذا المثل ما حصل إلا في زمن نزول هذه الآية لتقريب زمن الحال من زمن الماضي لقصد التشويق إلى علم هذا المثل فيجعل كالإخبار عن أمر حصل لأن النفوس أرغب في عمله كقول المثوب : قد قامت الصلاة . وفيه التنبيه على أنه أمر محقق الوقوع كما تقدم عند قوله تعالى ( وضرب اله مثلا قرية ) في سورة النحل .
أما صاحب الكشاف فجعل فعل ( ضرب ) مستعملا في معنى الأمر إذ فسره بقوله : اضرب لهم مثلا وقل لهم ما تقولون في رجل من المماليك قد اشترك فيه شركاء إلى آخر كلامه فكان ظاهر كلامه أن الخبر هنا مستعمل في الطلب فقرره شارحوه الطيبي والقزويني والتفتزاني بما حاصل مجموعه : أنه أراد أن النبي A لما سمع قوله ( ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل ) علم أنه سينزل عليه مثل من أمثال القرآن فأنبأه الله بصدق ما علمه وجعله لتحققه كأنه ماض .
وليلائم توجيه الاستفهام إليهم بقوله ( هل يستويان مثلا ) " فإنه سؤال تبكيت " فتلتئم أطراف نظم الكلام فعدل عن مقتضى الظاهر من إلقاء ضرب المثل بصيغة الأمر إلى إلقائه بصيغة المضي لإفادة صدق علم النبي A وكل هذا أدق معنى وأنسب ببلاغة القرآن من قول من جعل المضي في فعل ( ضرب ) على حقيقته وقال : إن معناه : ضرب المثل في علمه فأخبر به قومك .
فالذي دعا الزمخشري إلى سلوك هذا المعنى في خصوص هذه الآية هو رعي مناسبات اختص بها سياق الكلام الذي وقعت فيه ولا داعي إليه في غيرها من نظائر صيغتها مما لم يوجد لله فيه مقتض لنحو هذا المحمل ألا ترى أنه لا يتأتى في نحو قوله ( ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة ) كما في سورة إبراهيم وقد أشرنا إليه عند قوله ( وضرب الله مثلا قرية ) في سورة النحل .
وقد يقال فيه وفي نظائره : إن العدول عن أن يصاغ بصيغة الطلب كما في قوله ( واضرب لهم مثلا أصحاب القرية ) ( واضرب لهم مثلا رجلين ) ( واضرب لهم مثل الحياة الدنيا ) إلى أن صيغ بصيغة الخبر هو التوسل إلى إسناده إلى الله تنويها بشأن المثل كما أشرنا إليه في سورة النحل