وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والمراد : ذكرى بالدلالة على ما يغفل عنه العاقل . ويجوز أن تكون الذكرى لما يذهل عنه العاقل مما تشتمل عليه هذه الأحوال من مبدئها إلى منتهاها . فمن ذلك أنها تصلح مثالا لتقريب البعث فإن إنزال الماء على الأرض وإنباتها بسببه أمر يتجدد بعد أن صار ما عليها من النبات حطاما وتخللت زراريعه الأرض فنبتت مرة أخرى بنزول الماء فكذلك يعود الإنسان بعد فنائه كما أشار إليه قوله تعالى ( والله أنبتكم من الأرض نباتا ثم يعيدكم فيها ويخرجكم إخراجا ) فتتضمن الآية إدماج تقريب البعث وإمكانه مع الاستدلال على انفراد الله تعالى بالتصرف ومن ذلك أنها تصلح مثلا للحياة الدنيا كما في آية سورة يونس وفي سورة الكهف والمقصود : تشبيه الحالة بالحالة فلا يعتبر التجوز في مفردات هذا المركب بأن يطلب لكل طور من أطوار الدنيا طور يشتبه به من أطوار النبات .
ومنها أنها مثل لأطوار الإنسان من طور النطف إلى الشباب إلى الشيخوخة ثم الهلاك والمقصود تشبيه الحالة بالحالة مع إمكان توزيع تشبيه كل طور من أطوار الحالة المشبهة بطور من أطوار الحالة المشبهة بها وهو أكمل أنواع التمثيلية .
و ( أولوا الألباب ) هم الذين ينتفعون بألبابهم فيهتدون بما نصب لهم من الأدلة كما تقدم آنفا في قوله ( إنما يتذكر أولوا الألباب ) وهم الذين استدلوا فآمنوا . وفي هذا التعريض بأن الذين لم يستفيدوا من الأدلة بمنزلة من عدموا العقول .
( أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه ) تفريع على ما تقدم من قوله ( لكن الذين اتقوا ربهم لهم غرف ) وما ألحق به من تمثيل حالهم في الانتفاع بالقرآن فرع هذا الاستفهام التقريري .
و " من " موصلة مبتدأ والخبر محذوف دل عليه قوله ( لكن الذين اتقوا ربهم ) مما اقتضاه حرف الاستدراك من مخالفة حال لحال من حق عليه كلمة العذاب .
والتقدير : أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه مثل الذي حق عليه كلمة العذاب فهو في ظلمة الكفر أو تقديره : مثل من قسا قلبه بدلالة قوله ( فويل للقاسية قلوبهم ) وهذا من دلالة اللاحق .
وشرح الصدر للإسلام استعارة لقبول العقل هدي الإسلام ومحبته . وحقيقة الشرح أنه : شق اللحم ومنه سمي علم مشاهدة باطن الأسباب وتركيبه علم التشريح لتوقفه على شق الجلد واللحم والاطلاع على ما تحت ذلك .
A E ولما كان الإنسان إذا تحير وتردد في أمر يجد في نفسه عما يتأثر منه جهازه العصبي فيظهر تأثره في انضغاط نفسه حتى يصير تنفسه عسيرا ويكثر تنهده وكان عضو التنفس في الصدر شبه ذلك الانضغاط بالضيق والانطباق فقالوا : ضاق صدره قال تعالى عن موسى ( ويضيق صدره ) وقالوا : انطبق صدره وانطبقت أضلاعه وقالوا في ضد ذلك : شرح الله صدره وجمع بينهما قوله تعالى ( فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء ) في سورة الأنعام ومنه قولهم : فلان في انشراح أي يحس كأن صدره شرح ووسع .
ومن رشاقة ألفاظ القرآن إيثار كلمة ( شرح ) للدلالة على قبول الإسلام لأن تعاليم الإسلام وأخلاقه وآدابه تكسب المسلم فرحا بحاله ومسرة برضى ربه واستخفافا للمصائب والكوارث لجزمه بأنه على حق في أمره وأنه مثاب على ضره وأنه راج رحمة ربه في الدنيا والآخرة ولعدم مخالطة الشك والحيرة ضميره .
فإن المؤمن أول ما يؤمن بأن اله واحدا وأن محمدا A رسوله ينشرح صدره بأنه ارتفع درجات عن الحالة التي كان عليها حالة الشرك إن اجتنب عبادة أحجار هو أشرف منها ومعظم ممتلكاته أشرف منها كفرسه وجمله وعبده وأمته وماشيته ونخله فشعر بعزة نفسه مرتفعا عما انكشف له من مهانتها السابقة التي غسلها عنه الإسلام ثم أصبح يقرأ القرآن وينطق عن الحكمة ويتسم بمكارم الأخلاق وأصالة الرأي ومحبة فعل الخير لوجه الله لا للرياء والسمعة ولا ينطوي باطنه على غل ولا حسد ولا كراهية في ذات الله وأصبح يعد المسلمين لنفسه أخوانا وقد ترك الاكتساب بالغارة والميسر واستغنى بالقناعة عن الضراعة إلا إلى الله تعالى وإذا مسه ضر رجا زواله ولم ييأس من تغير حاله وأيقن أنه مثاب على تحمله وصبره وإذا مسته نعمة حمد ربه وترقب المزيد فكان صدره منشرحا بالإسلام متلقيا الحوادث باستبصار غير هياب شجاع القلب عزيز النفس