وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وجملة ( قال رب اغفر لي ) بدل اشتمال من جملة ( أناب ) لأن الإنابة تشتمل على ترقب العفو عما عسى أن يكون قد صدر منه مما لا يرضى الله تعالى صدوره من أمثاله .
وإردافه طلب المغفرة باستيهاب ملك لا ينبغي لأحد من بعده لأنه توقع من غضب الله أمرين : العقاب في الآخرة وسلب النعمة في الدنيا إذ قصر في شكرها وكان سليمان يومئذ في ملك عظيم فسؤال موهبة الملك مراد به استدامة ذلك الملك وصيغة الطلب ترد لطلب الدوام مثل ( يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله ) .
وتنكير ( ملكا ) للتعظيم .
وارتقى سليمان في تدرج سؤاله إلى أن وصف ملكا أنه لا ينبغي لأحد من بعده أي لا يتأتى لأحد من بعده أي لا يعطيه الله أحدا يبتغيه من بعده . فكنى ب ( لا ينبغي ) عن معنى لا يعطى لأحد أي لا تعطيه من بعدي .
ففعل ( ينبغي ) مطاوع بغاه يقال : بغاه فانبغى له وليس للملك اختيار وانبغاء وإنما الله هو المعطى والميسر فإسناد إلى الملك مجاز عقلي وحقيقته : انبغاء سببه . وهذا من التأدي في دعائه إذ لم يقل : لا تعطه أحدا من بعدي .
وسأل الله أن لا يقيم له منازعا في ملكه وأن يبقى له ذلك الملك إلى موته فاستجاب فكان سليمان يخشى ظهور عبده " يربعام بن نباط " من سبط أفرايم عليه إذ كان أظهر الكيد لسليمان فطلبه سليمان ليقتله فهرب إلى " شيشق " فرعون مصر وبقي في مصر إلى وفاة سليمان . فهذا أيضا مما حمل سليمان أن يسال الله تثبيت ملكه وأن لا يعطيه أحدا غيره .
وكان لسليمان عدوان آخران هما " هدد " الأدومي و " رزون " من أهل صرفة فقيمن في تخوم مملكة إسرائيل فخشي أن يكون الله هيأهما لإزالة ملكه .
واستعمل ( من بعدي ) في معنى : من دوني كقوله تعالى ( فمن يهديه من بعد الله ) فيكون معنى ( لا ينبغي ) أنه لا ينبغي لأحد غيري أي في وقت حياتي فهذا دعاء بأن لا يسلط أحد على ملكه مدة حياته .
وعلى هذا التفسير لا يكون في سؤاله هذا الملك شيء من الاهتمام بأن لا ينال غيره مثل ما ناله هو فلا يرد على ذلك أن مثل هذا يعد من الحسد .
ويجوز أن يبقى ( من بعدي ) على ظاهره أي بعد حياتي . فمعنى ( لا ينبغي ) : لا ينبغي مثله لأحد بعد وفاتي . وتأويل ذلك أنه قصد من سؤاله الإشفاق من أن يلي مثل ذلك الملك من ليس له من النبوة والحكمة والعصمة ما يضطلع به لأعباء ملك مثل ذلك الملك ومن ليس له من النفوذ على أمته ما لسليمان على أمته فلا يلبث ان يحسد على الملك فينجم في الأمة منازعون للملك على ملكه فينتفي أيضا على هذا التأويل إيهام أنه سأل ذلك غيرة على نفسه أن يعطى أحد غيره مثل ملكه " مما تشم منه رائحة الحسد " .
وقد تضمنت دعوته شيئين : هما أن يعطى ملكا عظيما وأن لا يعطى غيره مثله في عظمته .
A E وقد حكى الله دعاء سليمان وهو سر بينه وبين ربه إشعار بأنه ألهمه إياه وأنه استجاب له دعوته تعريفا برضاه عنه وبأنه جعل استجابته مكرمة توبته .
ومعنى ذلك أنه لا يأتي ملك بعده له من السلطان جميع ما لسليمان فإن ملك سليمان عم التصرف في الجن وتسخير الريح والطير ومجموع ذلك لم يحصل لأحد من بعده .
وفي الصحيح عن أبي هريرة أن النبي A قال ( إن عفريتا من الجن تفلت البارحة ليقطع علي صلاتي فأمكنني الله منه فأخذته فأوردت أن أربطه بسارية من سواري المسجد حتى تنظروا إليه كلكم فذكرت دعوة أخي سليمان ( رب هب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي ) فرددته خاسئا ) .
وجملة ( إنك أنت الوهاب ) علة للسؤال كله وتمهيد الإجابة فقامت ( إن ) مقام حرف التفريع ودلت صيغة المبالغة في ( الوهاب ) على انه تعالى يهب الكثير والعظيم لأن المبالغة تفيد شدة الكيفية أو كلتيهما بقرينة مقام الدعاء فمغفرة الذنب من المواهب العظيمة لما يرتب عليه من درجات الآخرة وإعطاء مثل هذا الملك هو هبة عظيمة . و ( أنت ) ضمير فصل وأفاد الفصل به قصرا فصار المعنى : أنت القوي الموهبة لا غيرك لأن الله يهب ما لا يملك غيره أن يهبه .
( فسخرنا له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب [ 36 ] والشياطين كل بناء وغواص [ 37 ] وآخرين مقرنين في الأصفاد [ 38 ] )