وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وهذا هو مقتضى ما في كتاب يونس من كتب اليهود إذ وقع في الإصحاح الثالث " ثم صار قول الرب إلى يونس ثانية : قم اذهب إلى نينوى وناد لها المناداة التي أنا مكلمك بها " .
والمرسل إليهم : اليهود القانطون في نينوى في أسر الآشوريين كما تقدم . والظاهر أن الرسول إذا بعث إلى قوم مختلطين بغيرهم أن تعم رسالته جميع الخلط لأن في تمييز البعض بالدعوة تقريرا لكفر غيرهم . ولهذا لما بعث الله موسى عليه السلام لتخليص بني إسرائيل دعا فرعون وقومه إلى نبذ عبادة الأصنام فيحتمل أن المقدرين بمائة ألف هم اليهود وأن المعطوفين بقوله ( أو يزيدون ) هم بقية سكان " نينوى " . وذكر في كتاب يونس أن دعوة يونس لما بلغت ملك نينوى قام عن كرسيه وخلع رداءه ولبس مسحا وأمر أهل مدينته بالتوبة والإيمان الخ . ولم يذكر أن يونس دعا غير أهل نينوى من بلاد أشور مع سعتها .
وروى الترمذي عن أبي بن كعب قال : سألت رسول الله A عن قول الله تعالى ( وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيد ) قال : " عشرون ألفا " . قال الترمذي : حديث غريب .
فحرف ( أو ) في قوله ( أو يزيدون ) بمعنى ( بل ) على قول الكوفيين واختيار الفراء وأبي علي الفارسي وابن جني وابن برهان . واستشهدوا بقول جرير : A E .
ماذا ترى في عيال قد برمت بهم ... لم أحص عدتهم إلا بعداد .
كانوا ثمانين أو زادوا ثمانية ... لولا رجاؤك قد قتلت أولادي والبصريون لا يجيزون ذلك إلا بشرطين أن يتقدمها نفي أو نهي وأن يعاد العامل وتأملوا هذه الآية بأن ( أو ) للتخيير والمعنى إذا رآهم الرائي تخير بين أن يقول : هم مائة ألف أو يقول : يزيدون .
ويرجحه أن المعطوف ب ( أو ) غير مفرد بل هو كلام مبين ناسب أن يكون الحرف للإضراب .
والفاء في ( فآمنوا ) للتعقيب العرفي لأن يونس لما أرسل إليهم ودعاهم امتنعوا في أول الأمر فأخبرهم بوعيد بهلاكهم بعد أربعين يوما ثم خافوا فآمنوا كما أشار إليه قوله تعالى ( فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين ) .
( فاستفتهم ألربك البنات ولهم البنون [ 149 ] ) تفريع على ما تقدم من الإنكار على المشركين وإبطال دعاويهم وضرب الأمثال لهم بنظرائهم من الأمم ففرع عليه أمر الله رسوله A بإبطال ما نسبه المشركون إلى الله من الولد .
فضمير الغيبة من قوله ( فاستفتهم ) عائد على غير مذكور يعلم من المقام . مثل نظيره السابق في قوله ( فاستفتهم أهم أشد خلقا أمن خلقنا ) . والمراد : التهكم عليهم بصورة الاستفتاء إذ يقولون : ولد الله على أنهم قسموا قسمة ضيزى حيث جعلوا لله البنات وهم يرغبون في الأبناء الذكور ويكرهون الإناث فجعلوا لله ما يكرهون .
وقد جاءوا في مقالهم هذا بثلاثة أنواع من الكفر : أحدها : أنهم أثبتوا التجسيم لله لأن الولادة من أحوال الأجسام .
الثاني : إيثار أنفسهم بالأفضل وجعلهم لله الأقل . قال تعالى ( وإذا بشر أحدهم بما ضرب للرحمن مثلا ظل وجهه مسودا وهو كظيم ) .
الثالث : أنهم جعلوا للملائكة المقربين وصف الأنوثة وهم يتعيرون بأبي الإناث ولذلك كرر الله تعالى هذه الأنواع من كفرهم في كتابه غير مرة .
فجملة ( ألربك البنات ) بيان لجملة ( فاستفتهم ) .
وضمير ( لربك ) مخاطب به النبي A وهو حكاية للاستفتاء بالمعنى لأنه إذا استفتاهم يقول : ألربكم البنات وكذلك ضمير ( ولهم ) محكي بالمعنى لأنه إنما يقول لهم : ولكم البنون . وهذا التصرف يقع في حكاية القول ونحوه مما فيه معنى القول مثل الاستفتاء .
( أم خلقنا الملائكة إناثا وهم شاهدون [ 150 ] ) ( أم ) منقطعة بمعنى ( بل ) وهي لا يفارقها معنى الاستفهام فالكلام بعدها مقدر بهمزة الاستفهام أي بل أخلقنا الملائكة إناثا .
وضمير ( خلقنا ) التفات من الغيبة إلى التكلم وهو إذا استفتاهم يقول لهم : أم خلق الملائكة كما تقدم والاستفهام إنكاري وتعجيبي من جرأتهم وقولهم بلا علم