وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ووجه الاقتصار على وصف النذير هنا دون الجمع بينه وبين وصف البشير هو مراعاة العموم الذي في قوله ( وإن من أمة إلا خلا فيها نذير ) فإن من الأمم من لم تحصل لها بشارة لأنها لم يؤمن منها أحد ففي الحديث " عرضت علي الأمم فجعل النبي يمر معه الرهط والنبي يمر معه الرجل الواحد والنبي يمر وحده " الحديث فإن الأنبياء الذين مروا وحدهم هم الأنبياء الذين لم يستجب لهم أحد من قومهم وقد يكون عدم ذكر وصف البشارة للاكتفاء بذكر قرينة اكتفاء بدلالة ما قبله عليه وأوثر وصف النذير بالذكر لأنه أشد مناسبة لمقام خطاب المكذبين .
A E ومعنى الأمة هنا : الجذم العظيم من أهل نسب ينتهي إلى جد واحد جامع لقبائل كثيرة لها مواطن متجاورة مثل أمة الفرس وأمة الروم وأمة الصين وأمة الهند وأمة يونان وأمة إسرائيل وأمة العرب وأمة البربر فما من أمة من هؤلاء إلا وقد سبق فيها نذير أي رسول أو نبي ينذرهم بالمهلكات وعذاب الآخرة . فمن المنذرين من علمناهم ومنهم من أنذروا وانقرضوا ولم يبق خبرهم قال تعالى ( ولقد أرسلنا رسلا من قبلك منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك ) .
والحكمة في الإنذار أن لا يبقى الضلال رائجا وأن يتخول الله عباده بالدعوة إلى الحق سواء عملوا بها أم لم يعملوا فإنها لا تخلوا من أثر صالح فيهم . وإنما لم يسم القرآن إلا الأنبياء والرسل الذين كانوا في الأمم السامية القاطنة في بلاد العرب وما جاورها لأن القرآن حين نزوله ابتدأ بخطاب العرب ولهم علم بهؤلاء الأقوام فقد علموا أخبارهم وشهدوا آثارهم فكان الاعتبار بهم أوقع ولو ذكرت لهم رسل أمم لا يعرفونهم لكان إخبارهم عنهم مجرد حكاية ولم يكن فيه استدلال واعتبار .
( وإن يكذبوك فقد كذب الذين من قبلهم جاءتهم رسلهم بالبينات و بالزبر وبالكتاب المنير [ 25 ] ثم أخذت الذين كفروا فكيف كان نكير [ 26 ] ) أعقب الثناء على النبي A بتسليته على تكذيب قومه وتأنيسه بأن تلك سنة الرسل مع أممهم .
وإذ قد كان سياق الحديث في شأن الأمم جعلت التسلية في هذه الآية بحال الأمم مع رسلهم عكس ما في أية آل عمران ( فان كذبوك فقد كذب رسل من قبلك جاءوا بالبينات والزبر والكتاب المنير ) لأن سياق آية أل عمران كان في رد محاولة أهل الكتاب إفحام الرسول لأن قبلها ( الذين قالوا إن الله عهد إلينا أن لا نؤمن لرسول حتى يأتينا بقربان تأكله النار ) .
وقد خولف أيضا في هذه الآية أسلوب آية آل عمران إذ قرن كل من ( الزبر والكتاب المنير ) هنا بالباء وجردا منها في آية آل عمران وذلك لأن آية آل عمران جرت في سياق زعم اليهود أن لا تقبل معجزة رسول إلا معجزة قربان تأكله النار فقيل في التفرد ببهتانهم : قد كذبت الرسل الذين جاء الواحد منهم بأصناف المعجزات مثل عيسى عليه السلام ومن معجزاتهم قرابين تأكلها النارفكذبتموهم فترك إعادة الباء هنالك إشارة إلى أن الرسل جاءوا بالأنواع الثلاثة .
ولما كان المقام هنا لتسلية الرسول A ناسب أن يذكر ابتلاء الرسل بتكذيب أممهم على اختلاف أحوال الرسل فمنهم الذين آتوا بآيات أي خوارق عادات فقط مثل صالح وهود ولوط ومنهم من أتوا بالزبر وهي المواعظ التي يؤمر بكتابتها وزبرها أي تخطيطها لتكون محفوظة وتردد على الألسن كزبور داود وكتب أصحاب الكتب من أنبياء بني إسرائيل مثل أرمياء وإيلياء ومنهم من جاءوا بالكتاب المنير يعني كتاب الشرائع مثل إبراهيم وموسى وعيسى فذكر الباء مشير إلى توزيع أصناف المعجزات على أصناف الرسل .
فزبور إبراهيم صحفه المذكورة في قوله تعالى ( صحف إبراهيم وموسى ) .
وزبور موسى كلامه في المواعظ الذي ليس فيه تبليغ عن الله مثل دعائه الذي دعا به في قادش المذكور في الإصحاح التاسع من سفر التثنية ووصيته في عبر الأردن التي في الإصحاح السابع والعشرين من السفر المذكور ومثل نشيده الوعظي الذي نطق به وأمر بني إسرائيل بحفظه والترنم به في الإصحاح الثاني والثلاثين منه ومثل الدعاء الذي بارك به أسباط إسرائيل في عربات مؤاب في آخر حياته في الإصحاح الثالث والثلاثين منه .
وزبور عيسى أقواله المأثورة في الأناجيل مما لم يكن منسوبا إلى الوحي