وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والآية : الدليل . والتعريف للجنس فالمفرد المعرف مساو للجمع أي لآيات كثيرة والمنيب : الراجع بفكره إلى البحث عما فيه كماله النفساني وحسن مصيره في الآخرة فهو يقدر المواعظ حق قدرها ويتلقاها بالشك في الحالة التي وعظ من أجلها فيعاود النظر حتى يهتدي ولا يرفض نصح الناصحين وإرشاد المرشدين مترديا برداء المتكبرين فهو لا يخلو من النظر في دلائل قدرة الله ومن أكبر المنيبين المؤمنون مع رسولهم .
A E ( ولقد آتينا داود منا فضلا يا جبال أوبي معه والطير وألنا له الحديد [ 10 ] أن أعمل سابغات وقدر في السرد واعملوا صالحا إني بما تعملون بصير [ 11 ] ) مناسبة الانتقال من الكلام السابق إلى ذكر داود خفية . فقال ابن عطية : ذكر الله نعمته على داود وسليمان احتجاجا على ما منح محمد أي لا تستعبدوا هذا فقد تفضلنا على عبيدنا قديما .
وقال الزمخشري عند قوله ( إن في ذلك لآية لكل عبد منيب ) لأن المنيب لا يخلوا من النظر في آيات الله على أنه قادر على كل شيء من البعث ومن عقاب من يكفر به اه . فقال الطيبي : فيه إشارة إلى نظام بيان هذه الآية بقوله ( ولقد آتينا داود منا فضلا ) لأنه كالتخلص منه إليه لأن من المنيبين المتفكرين في آيات الله قال تعالى ( واذكر عبدنا داود ذا الأيد إنه أواب ) اه يريد الطيبي أن داود من أشهر المثل في المتيبين بما أشتهر به من انقلاب حاله بعد أن كان راعيا غليظا إلى أن اصطفاه الله نبيا وملكا صالحا مصلحا لأمة عظيمة فهو مثل المنيبين كما قال تعالى ( واذكر عبدنا داود ذا الأيد أنه أواب ) وقال ( فأستغفر ربه وخر راكعا وأناب ) فلإنابته وتأويبه أنعم الله عليه بنعم الدنيا والآخرة وباركه وبارك نسله . وفي ذكر فضله عبر للناس بحسن عناية الله بالمنيبين تعريضا بضد ذلك للذين لم يعتبروا بآيات الله وفي هذا إيماء إلى بشارة النبي A بأنه بعد تكذيب قومه وضيق حاله منهم سيؤول شأنه إلى عزة عظيمة وتأسيس ملك أمة عظيمة كما آلت حال داود وذلك الإيماء أوضح في قوله تعالى ( اصبر على ما يقولون واذكر عبدنا داود ذا الأيد أنه أواب ) الآية في سورة ص . وسمي الطيبي هذا الانتقال إلى ذكر داود وسليمان تخلصا والوجه أن يسميه استطرادا أو اعتراضا وإن كان طويلا فأن الرجوع إلى ذكر أحوال المشركين بعد ما ذكر من قصة داود وسليمان وسبأ يرشد إلى أن إبطال أحوال أهل الشرك هي المقصود من هذه السورة كما سننبه عليه عند قوله تعالى ( ولقد صدق عليهم إبليس ظنه ) .
وتقدك التعريف بداود عليه السلام عند قوله تعالى ( وآتينا داود زبورا ) في سورة النساء وعند قوله ( ومن ذرية داود ) في سورة الأنعام .
و ( من ) في قوله ( منا ) ابتدائية متعلقة ب ( آتينا ) أي من لدنا ومن عندنا وذلك تشريف للفضل الذي أوتيه داود كقوله تعالى ( رزقا من لدنا ) . وتنكير ( فضلا ) لتعظيمه وهو فضل النبوة وفضل الملك وفضل العناية بإصلاح الأمة وفضل القضاء بالعدل وفضل الشجاعة في الحرب وفضل سعة النعمة عليه وفضل إغنائه عن الناس بما ألهمه من صنع دروع الحديد وفضل إيتائه الزبور وإيتائه حسن الصوت وطول العمر في الصلاح وغير ذلك .
وجملة ( يا جبال أوبي معه ) مقول قول محذوف وحذف القول استعمال شائع وفعل القول المحذوف جملة مستأنفة استئنافا بيانيا لجملة ( آتينا داود منا فضلا ) .
هذا الأسلوب الذي نظمت عليه الآية من الفخامة وجلالة الخالق وعظم شأن داود مع وفرة المعاني وإيجاز الألفاظ وإفادة معنى المعية بالواو دون لو ما كانت حرف عطف .
والأمر في ( أوبى معه ) أمر تكوين وتسخير .
والتأويب : الترجيع أي ترجيع الصوت وقيل التأويب بمعنى التسبيح لغة حبشية فهو من المعرب باللغة العبرية وتقدم ذكر تسبيح الجبال مع داود في سورة الأنبياء .
و ( الطير ) منصوب بالعطف على المنادى لأن المعطوف المعرف على المنادى يجوز نصبه ورفعة والنصب أرجح عند يونس وأبو عمرو وعيسى ابن عمر والجرمي وهو أوجه وجوز أن يكون ( والطير ) مفعولا معه ( أوبي ) والتقدير : أوبى معه ومع الطير فيفيد أن الطير تأوب معه أيضا .
وإلانة الحديد : تسخيره لأصابعه حينما يلوي حلق الدروع ويغمز المزامير