وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وخص بالذكر في متعلق العلم ما يلج وما يخرج من الأرض دون ما يدب على سطحها وما ينزل وما يعرج إلى السماء دون ما يجول في أرجائها لأن ما ذكر لا يخلو عن أن يكون دابا وجائلا فيهما والذي يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها يعلم ما يدب عليها وما يزحف فوقها والذي يعلم ما ينزل من السماء وما يعرج يعلم ما في الأجواء والفضاء من الكائنات المرئية وغيرها ويعلم سير الكواكب ونظامها .
والولوج : الدخول والسلوك مثل ولوج المطر في أعماق الأرض وولوج الزريعة . والذي يخرج من الأرض النبات والمعادن والدواب المستكنة في بيوتها ومغاراتها وشمل ذلك من يقبرون في الأرض وأحوالهم والذي ينزل من السماء : المطر والثلج والرياح والذي يعرج فيها ما يتصاعد في طبقات الجو من الرطوبات البحرية ومن العواطف الترابية ومن العناصر التي تتبخر في الطبقات الجوية فوق الأرض وما يسبح في الفضاء وما يطير في الهواء وعروج الأرواح عند مفارقة الأجساد قال تعالى ( تعرج الملائكة والروح إليه ) .
واعلم أن كلمتي ( يلج ) و ( يخرج ) أوضح ما يعبر به عن أحوال جميع الموجودات الأرضية بالنسبة إلى اتصالها بالأرض وأن كلمتي ( ينزل ) و ( يعرج ) أوضح ما يعبر به عن أحوال الموجودات السماوية بالنسبة إلى اتصالها بالسماء من كلمات اللغة التي تدل على المعاني الموضوعة للدلالة عليها دلالة مطابقية على الحقيقة دون المجاز ودون الكناية ولذلك لم يعطف السماء على الأرض في الآية فلم يقل : يعلم ما يلج في الأرض والسماء وما يخرج منهما ولم يكتفي بإحدى الجملتين عن الأخرى . وقد لاح لي أن هذه الآية ينبغي أن تجعل من الإنشاء مثل ما اصطلح على تسميته بصراحة اللفظ . ولذلك ألحقها بكتابي " أصول الإنشاء والخطابة " بعد تفرق نسخه بالطبع وسيأتي نظير هذه في أول سورة الحديد .
ولما كان من جملة أحوال ما في الأرض أعمال الناس وأحوالهم من عقائد وسير ومما يعرج في السماء العمل الصالح والكلم الطيب أتبع ذلك بقوله ( وهو الرحيم الغفور ) أي الواسع الرحمة والواسع المغفرة . وهذا إجمال قصد منه حث الناس على طلب أسباب الرحمة والمغفرة المرغوب فيهما فإن من رغب في تحصيل شيء بحث عن وسائل تحصيله وسعى إليها . وفيه تعريض بالمشركين أن يتوبوا عن الشرك فيغفر لهم ما قدموه .
( وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة قل بلى وربي لتأتينكم ) كما ذكر ما يلج في الأرض وما يخرج منها مشعرا بحال الموتى عند ولوجهم القبور وعند نشرهم منها كما قال تعالى ( ألم نجعل الأرض كفاتا أحياء وأمواتا ) وقال ( يوم تشقق الأرض عنهم سراعا ذلك حشر علينا يسير ) وكان ذكر ما ينزل من السماء وما يعرج فيها موميا إلى عروج الأرواح عند مفاقرة الأجساد ونزول الأرواح لترد إلى الأجساد التي تعاد يوم القيامة فكان ذلك مع ما تقدم من قوله ( وله الحمد في الآخرة ) مناسبة للتخلص إلى ذكر إنكار المشركين الحشر لأن إبطال زعمهم من أهم مقاصد هذه السورة فكان التخلص بقوله ( وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة ) فالواو اعتراضية للاستطراد وهي في الأصل واو عطف الجملة المعترضة على ما قبلها من الكلام . ولما لم تفد إلا التشريك في الذكر دون الحكم دعوها بالواو الاعتراضية وليست هنا للعطف لعدم التناسب بين الجملتين وإنما جاءت المناسبة من أجزاء الجملة الأولى فكانت الثانية استطرادا واعتراضا وتقدم آنفا ما قيل : إن هذه المقالة كانت سبب نزول السورة .
وتعريف المسند إليه بالموصولية لأن هذا الموصول صار كالعلم بالغبة على المشركين في اصطلاح القرآن وتعرف المسلمين .
والساعة : علم بالغلبة في القرآن على يوم القيامة وساعة الحشر .
وعبر عن انتفاء وقوعها بانتفاء إتيانها على طريق الكناية لأنها لو كانت واقعة لأتت لأن وقوعها هو إتيانها .
وضمير المتكلم المشارك مراد به جميع الناس .
ولقد لقن الله نبيه A الجواب عن قول الكافرين بالإبطال المؤكد على عادة إرشاد القرآن في انتهاز الفرص لتبليغ العقائد .
A E