وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

( ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة إن الله سميع بصير [ 28 ] ) استئناف بياني متعلق بقوله ( إلينا مرجعهم فننبئهم بما عملوا ) لأنه كلما ذكر أمر البعث هجس في نفوس المشركين استحالة إعادة الأجسام بعد اضمحلالها فيكثر في القرآن تعقيب ذكر البعث بالإشارة إلى إمكانه وتقريبه .
وكانوا أيضا يقولون : إن الله خلقنا أطوارا نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم لحما وعظما فكيف يبعثنا خلقا جديدا في ساعة واحدة وكيف يحيي جميع الأمم والأجيال التي تضمنته الأرض في القرون الكثيرة وكان أبي بن خلف وأبو الأسد " أو أبو الأسدين " ونبيه ومنبه ابنا الحجاج من بني سهم يقولون ذلك وربما أسر به بعضهم . وضميرا المخاطبين مراد بهما جميع الخلق فهما بمنزلة الجنس أي ما خلق جميع الناس أول مرة ولا بعثهم أي خلقهم ثاني مرة إلا كخلق نفس واحدة لأن خلق نفس واحدة هذا الخلق العجيب دال على تمام قدرة الخالق تعالى فإذا كان كامل القدرة استوى في جانب قدرته القليل والكثير والبدء والإعادة .
وفي قوله ( ما خلقكم ولا بعثكم ) التفات من الغيبة إلى الخطاب لقصد مجابهتهم بالاستدلال المفحم .
وفي قوله ( كنفس واحدة ) حذف مضاف دل عليه ( ما خلقكم ولا بعثكم ) . والتقدير : إلا كخلق وبعث نفس واحدة . وذلك إيجاز كقول النابغة : .
وقد خفت حتى ما تزيد مخافتي ... على وعل في ذي المطارة عاقل التقدير : على مخافة وعل .
A E والمقصود : إن الخلق الثاني كالخلق الأول في جانب القدرة .
وجملة ( إن الله سميع بصير ) : إما واقعة موقع التعليل لكمال القدرة على ذلك الخلق العجيب استدلالا بإحاطة علمه تعالى بالأشياء والأسباب وتفاصيلها وجزئياتها ومن شأن العالم أن يتصرف في المعلومات كما يشاء لأن العجز عن إيجاد بعض ما تتوجه إليه الإرادة يتأتى من خفاء السبب الموصل إلى إيجاده وإذ قد كان المشركون أو عقلاؤهم يسلمون أن الله يعلم كل شيء جعل تسليمهم ذلك وسيلة إلى إقناعهم بقدرته تعالى على كل شيء وإما واقعة موقع الاستئناف البياني لما ينشأ عن الإخبار بأن بعثهم كنفس من تعجب فريق ممن أسروا إنكار البعث في نفوسهم الذين أومأ إليهم قوله آنفا ( إن الله عليم بذات الصدور ) ولأجل هذا لم يقل : إن الله عليم قدير .
( ألم تر أن الله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري إلى اجل مسمى وأن الله بما تعملون خبير [ 29 ] ) استدلال على ما تضمنته الآية قبلها من كون الخلق الثاني وهو البعث في متناول قدرة الله تعالى بأنه قادر على تغيير أحوال ما هو أعظم حالا من الإنسان وذلك بتغيير أحوال الأرض وأفقها بين ليل ونهار في كل يوم وليلة تغييرا يشبه طرو الموت على الحياة في دخول الليل في النهار وطرو الحياة على الموت في دخول النهار على الليل وبأنه قادر على أعظم من ذلك بما سخره من سير الشمس والقمر .
فهذا الاستدلال على إمكان البعث بقياس التمثيل بإمكان ما هو أعظم منه من شؤون المخلوقات بعد أن استدل عليه بالقياس الكلي الذي اقتضاه قوله ( إن الله سميع بصير ) من إحاطة العلم الإلهي بالمعلومات المقتضي إحاطة قدرته بالممكنات لأنها جزئيات المعلومات وفرع عنها .
والخطاب لغير معين والمقصود به المشركون بقرينة ( وأن الله بما تعملون خبير ) .
والرؤية علمية . والاستفهام لإنكار عدم الرؤية بتنزيل العالمين منزلة غير عالمين لعدم انتفاعهم بعلمهم .
والإيلاج : الإدخال . وهو هنا تمثيل لتعاقب الظلمة والضياء بولوج أحدهما في الآخر كقوله ( وآية لهم الليل نسلخ منه النهار ) .
وتقدم الكلام على نظيره في قوله ( تولج الليل في النهار ) أول آل عمران وقوله ( ذلك بأن الله يولج الليل في النهار ) الآية في سورة الحج مع اختلاف الغرضين .
والابتداء بالليل لأن أمره أعجب كيف تغشى ظلمته تلك الأنوار النهارية والجمع بين إيلاج الليل وإيلاج النهار لتشخيص تمام القدرة بحيث لا تلازم عملا متماثلا .
والكلام على تسخير الشمس والقمر مضى في سورة الأعراف .
وتنوين " كل " هو المسمى تنوين العوض عن المضاف إليه والتقدير : كل من الشمس والقمر يجري إلى أجل