وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وجملة ( إن الشرك لظلم عظيم ) تعليل للنهب عنه وتهويل لأمره فإنه ظلم لحقوق الخالق وظلم المرء لنفسه إذ يضع نفسه في حضيض العبودية لأخس الجمادات وظلم لأهل الإيمان الحق إذ يبعث على اضطهادهم وأذاهم وظلم لحقائق الأشياء بقلبها وإفساد تعلقها .
وهذا من جملة كلام لقمان كما هو ظاهر السياق ودل عليه الحديث في صحيح مسلم عن عبد الله بن مسعود قال : لما نزلت ( الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم ) شق ذلك على أصحاب رسول الله A وقالوا : أينا لا يظلم نفسه ؟ فقال رسول الله A : ليس هو كما تظنون إنما هو كما قال لقمان لابنه ( يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم ) .
وجوز ابن عطية أن يكون جملة ( إن الشرك لظلم عظيم ) من كلام الله تعالى أي معترضة بين كلم لقمان . فقد روي عن ابن مسعود أنهم لما قالوا ذلك أنزل الله تعالى ( إن الشرك لظلم عظيم ) وانظر من روى هذا ومقدار صحته .
( ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن أشكر لي ولوالديك إلي المصير [ 14 ] وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا واتبع سبيل من أناب إلي ثم إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون [ 15 ] ) إذا درجنا على أن لقمان لم يكن نبيا مبلغا عن الله وإنما كان حكيما مرشدا كان هذا الكلام اعتراضا بين كلامي لقمان لأن صيغة هذا الكلام مصوغة على أسلوب الإبلاغ والحكاية لقول من أقوال الله . والضمائر ضمائر العظمة جرته مناسبة حكاية نهي لقمان لابنه عن الإشراك وتفظيعه بأنه عظيم . فذكر الله هذا لتأكيد ما في وصية لقمان من النهي عن الشرك بتعميم النهي في الأشخاص والأحوال لئلا يتوهم متوهم أن النهي خاص بابن لقمان أو ببعض الأحوال فحكى الله أن الله أوصى بذلك كل إنسان وأن لا هوادة فيه ولو في أحرج الأحوال وهي حال مجاهدة الوالدين أولادهم على الإشراك . وأحسن من هذه المناسبة أن تجعل مناسبة هذا الكلام أنه لما حكي وصاية لقمان لابنه بما هو شكر الله بتنزيهه عن الشرك في الإلهية بين الله أنه تعالى أسبق منة على عباده إذ أوصى الأبناء ببر الآباء فدخل في العموم المنة على لقمان جزاء على رعيه لحق الله في ابتداء موعظة ابنه فالله أسبق بالإحسان إلى الذين أحسنوا برعي حقه . ويقوي هذا التفسير اقتران شكر الله وشكر الوالدين في الأمر .
A E وإذا درجنا على أن لقمان كان نبيا فهذا الكلام مما أبلغه لقمان لابنه وهو مما أوتيه من الوحي ويكون قد حكي بالأسلوب الذي أوحي به إليه على نحو أسلوب قوله ( أن اشكر لله ) . وهذا الاحتمال أنسب بسياق الكرم ويرجحه اختلاف الأسلوب بينها وبين آيتي سورة العنكبوت وسورة الأحقاف لأن ما هنا حكاية ما سبق في أمة أخرى والأخريين خطاب أنف لهذه الأمة . وقد روي أن لقمان لما أبلغ ابنه هذا قال له : إن الله رضيني لك فلم يوصيني بك ولم يرضك لي فأوصاك بي .
والمقصود من هذا الكلام هو قوله ( وإن جاهداك على أن تشرك بي ) إلى آخره وما قبله تمهيد له وتقرير لواجب بر الوالدين ليكون النهي عن طاعتهما إذا أمرا بالإشراك بالله نهيا عنه في أولى الحالات بالطاعة حتى يكون النهي عن الشرك فيما دون ذلك من الأحوال مفهوما بفحوى الخطاب مع ما في ذلك من حسن الإدماج المناسب لحكمة لقمان سواء كان هذا من كلام لقمان أو كان من جانب الله تعالى .
وعلى كلا الاعتبارين لا يحسن ما ذهب إليه جمع من المفسرين أن هذه الآية نزلت في قضية إسلام سعد بن أبي وقاص وامتعاض أمه لعدم مناسبته السياق ولأنه قد تقدم أن نظير هذه الآية في سورة العنكبوت نزل في ذلك وأنها المناسبة لسبب النزول فإنها أخليت عن الأوصاف التي فيها ترقيق على الأم بخلاف هذه ولا وجه لنزول آيتين في غرض واحد ووقت مختلف وسيجيء بيان الموصى به .
والوهن " بسكون الهاء " مصدر وهن يهن من باب ضرب . ويقال : وهن بفتح الهاء على أنه مصدر وهن يوهن كوجل يوجل . وهو الضعف وقلة الطاقة على تحمل شيء