وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

( أم ) منقطعة فهي مثل " بل " للإضراب وهو إضراب انتقالي . وإذ كان حرف ( أم ) حرف عطف فيجوز أن يكون ما بعدها إضرابا عن الكلام السابق فهو عطف قصة على قصة بمنزلة ابتداء والكلام توبيخ ولوم متصل بالتوبيخ الذي أفاده قوله ( فتمتعوا فسوف تعلمون ) .
وفيه التفات من الخطاب إلى الغيبة إعراضا عن مخاطبتكم إلى مخاطبة المسلمين تعجيبا من حال أهل الشرك . ويجوز أن يكون ما بعدها متصلا بقوله ( بل اتبع الذين ظلموا أهواءهم بغير علم ) فهو عطف ذم على ذم وما بينهما اعتراض .
وحيثما وقعت ( أم ) فالاستفهام مقدر بعدها لأنها ملازمة لمعنى الاستفهام . فالتقدير : بل أنزلنا عليهم سلطانا وهو استفهام إنكاري أي ما أنزلنا عليهم سلطانا ومعنى الاستفهام الإنكاري أنه تقرير على الإنكار كأن السائل يسأل المسؤول ليقر بنفي المسؤول عنه .
والسلطان : الحجة . ولما جعل السلطان مفعولا للإنزال من عند الله تعين أن المراد به كتاب كما قالوا ( حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه ) . ويتعين أن المراد بالتكلم الدلالة بالكتابة كقوله تعالى ( هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق ) أي تدل كتابته أي كتب فيه بالقلم القدرة أن الشرك حق كقوله تعالى ( أم أتيناهم كتابا من قبله فهم به مستمسكون ) . وقدم ( به ) على ( مشركون ) للاهتمام بالتنبيه على سبب إشراكهم الداخل في حيز الإنكار للرعاية على الفاصلة .
( وإذا أذقنا الناس رحمة فرحوا بها وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون [ 36 ] أو لم يروا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون [ 37 ] ) أعيد الكلام على أحوال المشركين زيادة في بسط الحالة التي يتلقون بها الرحمة وضدها تلقيا يستوون فيه بعد أن ميز فيما تقدم حال تلقي المشركين للرحمة بالكفران المقتضي أن المؤمنين لا يتلقونها بالكفران . فأريد تنبيههم هنا إلى حالة تلقيهم ضد الرحمة بالقنوط ليحذروا ذلك ويرتاضوا برجاء الفرج والابتهال إلى الله في ذلك والأخذ في أسباب انكشافها . والرحمة أطلقت على أثر الرحمة وهو المنافع والأحوال الحسنة الملائمة كما ينبغي عنه مقابلتها بالسيئة وهي ما يسوء صاحبه ويحزنه فالمقصد من هذه الآية تخلق المسلمين بالخلق الكامل ف ( الناس ) مراد به خصوص المشركين بقرينة أن الآية ختمت بقوله ( إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون ) .
A E وقدمت في هذه الآية إصابة الرحمة على إصابة السيئة عكس التي قبلها للاهتمام بالحالة التي جعلت مبدأ العبرة وأصل الاستدلال فقوله ( فرحوا بها ) وصف لحال الناس عندما تصيبهم الرحمة ليبنى عليه ضده في قوله ( إذا هم يقنطون ) لما يقتضيه القنوط من التذمر والغضب فليس في الكلام تعريض بإنكار الفرح حتى نضطر إلى تفسير الفرح بالبطر ونحوه لأنه عدول عن الظاهر بلا داع . والمعنى : أنهم كما يفرحون عند الرحمة ولا يخطر ببالهم زوالها ولا يحزنون من خشيته فكذلك ينبغي أن يصبروا عند ما يمسهم الضر ولا يقنطوا من زواله لأن قنوطهم من زواله غير جار على قياس حالهم عندما تصيبهم رحمة حين لا يتوقعون زوالها فالقنوط هو محل الإنكار عليهم وهذا كقوله تعالى ( لا يسأم الإنسان من دعاء الخير وإن مسه الشر فيؤوس قنوط ) في أن محل التعجيب هو اليأس والقنوط وتقدم ذكر الإذاقة آنفا . والقنوط : اليأس وتقدم في سورة الحجر عند قوله تعالى ( فلا تكن من القانطين ) .
وأدمج في خلال الإنكار عليهم قوله ( بما قدمت أيديهم ) لتنبيههم إلى أن ما يصيبهم من حالة سيئة في الدنيا إنما سببها أفعالهم التي جعلها الله أسبابا لمسببات مؤثرة لا يحيط بأسرارها ودقائقها إلا الله تعالى فما على الناس إلا أن يحاسبوا أنفسهم ويجروا أسباب إصابة السيئات ويتداركوا ما فات فذلك أنجى لهم من السيئات وأجدر من القنوط . وهذا أدب جليل من آداب التنزيل قال تعالى ( ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك ) .
وقرأ الجمهور ( يقنطون ) بفتح النون على أنه مضارع قنط من باب حسب . وقرأه أبو عمرو والكسائي بكسر النون على أنه مضارع قنط من باب ضرب وهما لغتان فيه