وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والقوم الذين يعقلون هم المتنزهون عن المكابرة والإعراض والطالبون للحق والحقائق لوفرة عقولهم فيزداد المؤمنون يقينا ويؤمن الغافلون والذين تروج عليهم ضلالات المشركين ثم تنكشف عنهم بمثل هذه الدلائل البينة .
وفي ذكر لفظ ( قوم ) وإجراء الصفة عليه إيماء إلى أن هذه الآيات لا ينتفع بها إلا من كان العقل من مقومات قوميته كما تقدم في قوله تعالى ( لآيات لقوم يعقلون ) في سورة البقرة وتقدمت له نظائر كثيرة .
والقول في إيثار وصف العقل هنا دون غيره من أوصاف النظر والفكر كالقول فيما تقدم عند قوله ( ومن آياته يريكم البرق خوفا وطمعا ) إلى قوله ( يعقلون ) .
وفي هذا تعريض بالمتصلبين في شركهم بأنهم ليسوا من أهل العقول وليسوا ممن ينتفعون كقوله تعالى ( وما يعقلها إلا العالمون ) وقوله ( ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء صم بكم عمي فهم لا يعقلون ) .
وقوله ( كذلك ) تقدم نظيره في قوله تعالى ( وكذلك جعلناكم أمة وسطا ) .
( بل اتبع الذين ظلموا أهواءهم بغير علم يهدي من أضل الله وما لهم من ناصرين [ 29 ] ) A E إضراب إبطالي لما تضمنه التعريض الذي في قوله ( كذلك نفصل الآيات لقوم يعقلون ) إذ اقتضى أن الشأن أن ينتفع الناس بمثل هذا المثل فيقلع المشركون منهم عن إشراكهم ويلجوا حظيرة الإيمان ولكنهم اتبعوا أهواءهم وما تسوله لهم نفوسهم ولم يطلبوا الحق ويتفهموا دلائله فهم عن العلم بمنأى . فالتقدير : فما نفعتهم الآيات المفصلة بل اتبعوا أهواءهم .
والذين ظلموا : المشركون ( إن الشرك لظلم عظيم ) . وتقييد اتباع الهوى بأنه بغير علم تشنيع لهذا الاتباع فإنه اتباع شهوة مع جهالة فإن العالم إذا اتبع الهوى كان متحرزا من التوغل في هواه لعلمه بفساده وليس ما هنا مماثلا لقوله تعالى ( ومن أضل ممن اتبع بغير هدى من الله ) في أنه قيد كاشف من حيث إن الهوى لا يكون إلا ملتبسا بمغايرة هدى الله .
والفاء في ( فمن يهدي ) للتفريع أي يترتب على اتباعهم أهواءهم بغير علم انتفاء الهدى عنهم أبدا .
و ( من ) اسم استفهام إنكاري بمعنى النفي فيفيد عموم نفي الهادي لهم إذ التقدير : لا أحد يهدي من أضل الله لا غيرهم ولا انفسهم فإنهم من عموم ما صدق ( من يهدي ) .
ومعنى ( من أضل الله ) : من قدر له الضلال وطبع على قلبه فإسناد الإضلال إلى الله إسناد لتكوينه على ذلك لا للأمر به وذلك بين . ومعنى انتفاء هاديهم : أن من يحاوله لا يجد له في نفوسهم مسلكا .
ثم عطف على جملة نفي هداهم خبر آخر عن حالهم وهو ( ما لهم من ناصرين ) ردا على المشركين الزاعمين أنهم إذا أصابوا خطيئة عند الله أن الأصنام تشفع لهم عند الله .
( فاقم وجهك للدين حنيفا فطرت الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون [ 30 ] ) الفاء فصيحة . والتقدير : إذا علمت أحوال المعرضين عن دلائل الحق فأقم وجهك للدين .
والأمر مستعمل في طلب الدوام . والمقصود : أن لا تهتم بإعراضهم كقوله تعالى ( فإن حاجوك فقل أسلمت وجهي لله ومن اتبعن ) وقوله ( فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ) " أي من آمن " وقوله ( ادعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني ) .
فالمعنى : فأقم وجهك للدين والمؤمنون معك كما يؤذن به قوله بعده ( منيبين إليه واتقوه ) بصيغة الجمع .
وإقامة الوجه : تقويمه وتعديله باتجاهه قبالة نظره غير ملتفت يمينا ولا شمالا . وهو تمثيل لحالة الإقبال على الشيء والتمحض للشغل به بحال قصر النظر إلى صوب قبالته غير ملتفت يمنة ولا يسرة وهذا كقوله تعالى ( وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد وادعوه مخلصين ) وقوله حكاية عن إبراهيم ( إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض ) وقوله تعالى ( فقل أسلمت وجهي لله ) أي أعطيته لله وذلك معنى التمحيض لعبادة الله وأن لا يلتفت إلى معبود غيره