وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وتقدير الكلام : فإن كان من معذرتهم أن يقولوا ذلك فقد أرسلنا إليهم رسولا بالحق فلما جاءهم الحق لفقوا المعاذير وقالوا : لا نؤمن به حتى نؤتى مثل ما أوتي موسى .
والحق : هو ما في القرآن من الهدى .
وإثبات المجيء إليه استعارة بتشبيه الحق بشخص وتشبيه سماعه بمجيء الشخص أو هو مجاز عقلي وإنما الجائي الرسول الذي يبلغه عن الله فعبر عنه بالحق لإدماج الثناء عليه في ضمن الكلام .
ولما بهرتهم آيات الرسول A لم يجدوا من المعاذير إلا ما لقنهم اليهود وهو أن يقولوا : ( لولا أوتي مثل ما أوتي موسى ) أي بأن تكون آياته مثل آيات موسى التي يقصها عليهم اليهود وقص بعضها القرآن .
وضمير ( يكفروا ) عائد إلى القوم من قوله ( لتنذر قوما ) لتتناسق الضمائر من قوله ( لولا أن تصيبهم ) وما بعده من الضمائر أمثاله .
فيشكل عليه أن الذين كفروا بما أوتي موسى هو قوم فرعون دون مشركي العرب فقال بعض المفسرين هذا من إلزام المماثل بفعل مثيله لأن الإشراك يجمع الفريقين فتكون أصول تفكيرهم واحدة وبتحد بهتانهم فان القبط أقدم منهم في دين الشرك فهم أصولهم فيه والفرع يتبع أصله ويقول بقوله كما قال تعالى ( كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون أتواصوا به بل هم قوم طاغون ) أي متماثلون في سبب الكفر والطغيان فلا يحتاج بعضهم إلى وصية بعض بأصول الكفر . وهذا مثل قوله تعالى ( غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون ) ثم قال ( ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ) أي بنصر الله إياهم إذ نصر المماثلين في كونهم غير مشركين إذ كان الروم يومئذ على دين المسيح .
فقولهم ( لولا أوتي مثل ما أوتي موسى ) من باب التسليم الجدلي أو من اضطرابهم في كفرهم فمرة يكونون معطلين ومرة يكونون مشترطين . والوجه أن المشركين كانوا يجحدون رسالة الرسل قاطبة . وكذلك حكاية قولهم ( ساحران تظاهرا ) من قول مشركي مكة في موسى وهارون لما سمعوا قصتهما أو في موسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام . وهو الأظهر وهو الذي يلتئم مع قوله بعده ( وقالوا إنا بكل كافرون فل فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما ) .
وقرأ الجمهور ( ساحران ) تثنية ساحر . وقرأ عاصم وحمزة والكسائي وخلف ( قالوا سحران ) على أنه من الإخبار بالمصدر للمبالغة أي قالوا : هما ذوا سحر .
والتظاهر : التعاون .
والتنوين في ( بكل ) تنوين عوض عن المضاف إليه فيقدر المضاف إليه بحسب الاحتمالين إما بكل من الساحرين وإما أن يقدر بكل من ادعى رسالة وهو أنسب بقول قريش لأنهم قالوا ( ما أنزل الله على بشر من شيء ) .
A E ( قل فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما أتبعه إن كنتم صادقين [ 49 ] فإن لم يستجيبوا لك فاعلم إنما يتبعون أهواءهم ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين [ 50 ] ) أي أجب كلامهم المحكي من قولهم ( ساحران ) وقولهم ( إنا بكل كافرون ) .
ووصف ( كتاب ) ب ( من عند الله ) إدماج لمدح القرآن والتوراة بأنهما كتابان من عند الله . والمراد بالتوراة ما تشتمل عليه الأسفار الأربعة المنسوبة إلى موسى من كلام الله إلى موسى أو من إسناد موسى أمرا إلى الله لا كل ما اشتملت عليه تلك الأسفار فإن فيها قصصا وحوادث ما هي من كلام الله فيقال للمصحف هو كلام الله بالتحقيق ولا يقال لأسفار العهدين كلام الله إلا على التغليب إذ لم يدع ذلك المرسلان بكتابي العهد . وقد تحداهما القرآن في هذه الآية بما يشتمل عليه القرآن من الهدى ببلاغة نظمه . وهذا دليل على أن مما يشتمل عليه من العلم والحقائق هو من طرق إعجازه كما قدمناه في المقدمة العاشرة .
فمعنى ( فإن لم يستجيبوا لك ) إن لم يستجيبوا لدعوتك أي إلى الدين بعد قيام الحجة عليهم بهذا التحدي فاعلم إن استمرارهم على الكفر بعد ذلك ما هو إلا إتباع للهوى ولا شبهة لهم في دينهم