وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ولكون الإيمان مقصودا به أنه مرجو منهم جيء فيه بصيغة المضارع إذ ليس المقصود أن في ذلك آيات للذين آمنوا لأن ذلك حاصل بالفحوى والأولوية فصار المعنى : أن في ذلك لآيات للمؤمنين ولمن يرجى منهم الإيمان عند النظر في الأدلة . وقريب من هذا المعنى قوله تعالى ( إن هو إلا ذكر للعالمين لمن شاء منكم أن يستقيم ) . ولهذا خولف بين ما هنا وبين ما في سورة يونس إذ قال ( هو الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصرا إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون ) لأن آية يونس مسوقة مساق الاستدلال والامتنان فخاطب بها جميع الناس من مؤمن وكافر فجاءت بصيغة الخطاب وجعلت دلالتها لكل من يسمع أدلة القرآن فمنهم مهتد وضال ولذلك جيء فيها بفعل ( يسمعون ) المؤذن بالامتثال والإقبال على طلب الهدى .
وأما هذه الآية فمسوقة مساق التعجيب والتوبيخ فجعل ما فيها آيات لمن الإيمان من شأنهم ليفيد بمفهومهم أنه لا تحصل منه دلالة لمن ليس من شأنهم الإنصاف والاعتراف ولذلك أوثر فيه فعل ( يؤمنون ) .
وجاء ما في الليل من الخصوصية بصيغة التعليل باللام بقوله ( ليسكنوا فيه ) وما في النهار بصيغة مفعول الجعل بقوله ( مبصرا ) تفننا ولما يفيده ( مبصرا ) من المبالغة . والمعنى على التعليل والمفعول واحد في المآل . وبهذا قال في الكشاف ( التقابل مراعي من حيث المعنى وهكذا النظم المطبوع غير المتكلف ) أي ففي الآية احتباك إذ المعنى : جعلنا الليل مظلما ليسكنوا فيه والنهار مبصرا لينتشروا فيه .
واعلم أن ما قرر هنا يأتي في آية سورة يونس عدا ما هو من وجوه الفروق البلاغية فارجع إليها هنالك .
( ويوم ينفخ في الصور ففزع من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله وكل أتوه داخرين [ 87 ] ) عطف على ( ويوم نحشر من كل أمة فوجا ) عاد به السياق إلى الموعظة والوعيد فإنهم لما ذكروا بيوم الحشر إلى النار ذكروا أيضا بما قبل ذلك وهو يوم النفخ في الصور تسجيلا عليهم بإثبات وقوع البعث وإنذار بما يعقبه مما دل عليه قوله ( أتوه داخرين ) وقوله ( ففزع من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ) .
والنفخ في الصور تقدم في وله ( وله الملك يوم ينفخ في الصور ) في سورة الأنعام وهو تقريب لكيفية صدور الأمر التكويني لإحياء الأموات وهو النفخة الثانية المذكورة في قوله تعالى ( ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون ) وذلك هو يوم الحساب . وأما النفخة الأولى فهي نفخة يعني بها الإحياء أي نفخ الأرواح في أجسامها وهي ساعة انقضاء الحياة الدنيا فهم يصعقون ولهذا فرع عليه قوله ( ففزع من في السماوات ومن في الأرض ) أي عقبة حصول الفزع وهو الخوف من عاقبة الحساب ومشاهدة معدات العذاب فكل أحد يخشى أن يكون معذبا فالفزع حاصل مما بعد النفخة وليس هو فزعا من النفخة لأن الناس حين النفخة أموات .
والاستثناء مجمل يبينه قوله تعالى بعد ( من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون ) وقوله ( إن الذين سبقت لهم منا الحسنى ) إلى قوله ( لا يحزنهم الفزع الأكبر ) وذلك بأن يبادرهم الملائكة بالبشارة . قال تعالى ( وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون ) وقال ( لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة ) .
وجيء بصيغة الماضي في قوله ( ففزع ) مع أن النفخ مستقبل لإشعار بتحقق الفزع وأنه واقع لا محالة كقوله ( أتى أمر الله ) لأن المضي يستلزم التحقق فصيغة الماضي كناية عن التحقق وقرينة الاستقبال ظاهرة من المضارع في قوله ( ينفخ ) .
والداخرون : الصاغرون . أي الأذلاء يقال : دخر بوزن منع وفرح والمصدر الدخر بالتحريك والدخور .
وضمير الغيبة الظاهر في ( أتوه ) عائد إلى اسم الجلالة والإتيان إلى الله الإحضار في مكان قضائه ويجوز أن يعود الضمير على ( يوم ينفخ في الصور ) على تقدير : أتون فيه والمضاف إليه ( كل ) المعوض عنه التنوين تقديره : من فزع ممن في السماوات والأرض آتوه داخرين . وأما من استثنى الله بأنه شاء أن لا يفزعوا فهم لا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة .
وقرأ الجمهور ( آتوه ) بصيغة اسم الفاعل من أتى . وقرأ حمزة وحفص ( أتوه ) بصيغة فعل الماضي فهو كقوله ( ففزع )