وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وحسن هذا التكرير هنا ما بين التشبيهين من الفروق مع اتحاد الغاية ؛ فإنهم شبهوا بالموتى في انتفاء إدراك المعاني الذي يتمتع به العقلاء وبالصم في انتفاء إدراك بلاغة الكلام الذي يضطلع به بلغاء العرب . وشبهوا ثالثا بالعمي في انتفاء التمييز بين طريق الهدى وطريق الضلال من حيث إنهم لم يتبعوا هدي دين الإسلام . والغاية واحدة وهي انتفاء اتباعهم الإسلام ففي تشبيههم بالعمي استعارة مصرحة ونفي إنقاذهم عن ضلالتهم ترشيح للاستعارة لأن الأعمى لا يبلغ إلى معرفة الطريق بوصف الواصف .
والهدى : الدلالة على طريق السائر بأن يصفه له فيقول مثلا : إذا بلغت الوادي فخذ الطريق الأيمن .
والذي يسلك بالقوافل مسالك الطريق يسمى هاديا .
والتوصل إلى معرفة الطريق يسمى اهتداء . وهذا الترشيح هو أيضا مستعار لبيان الحق والصواب للناس والأعمى غير قابل للهداية بالحالتين حالة الوصف وهي ظاهرة وحالة الاقتياد فإن العرب لم يكونوا يأخذوا العمي معهم في أسفارهم لأنهم يعرقلون على القافلة سيرها .
وقوله ( عن ضلالتهم ) يتضمن استعارة مكنية قرينتها حالية . شبه الدين الحق بالطريق الواضحة وإسناد الضلالة إلى سالكيه ترشيح لها وتخييل والضلالة أيضا مستعارة لعدم إدراك ألحق تبعا للاستعارة المكنية وأطلقت هنا على عدم الاهتداء للطريق وضمير ( ضلالتهم ) عائد إلى العمي ولتأتي هذه الاستعارة الرشيقة عدل عن تعليق ما حقه أن يعلق بالهدي فعلق به ما يقتضيه نفي الهدي من الصرف والمباعدة . فقيل ( عن ضلالتهم ) بتضمين ( هادي ) معنى صارف . فصار : ما أنت بهاد بمعنى : ما أنت بصارفهم عن ضلالتهم كما يقال : سقاه عن العيمة أي سقاه صارفا له عن العيمة وهي شهوة اللبن .
وعدل في الجملة عن صيغتي النفيين السابقين في قوله ( إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء ) الواقعين على مسندين فعليين إلى تسليط النفي هنا على جملة اسمية للدلالة على ثبات النفي . وأكد ذلك الثبات بالباء المزيدة لتأكيد النفي .
ووجه إيثار هذه الجملة بهذين التحقيقين هو أنه لما أفضى الكلام إلى نفي اهتدائهم وكان اهتداؤهم غاية مطمح الرسول A كان المقام مشعرا ببقية من طمعه في اهتدائهم حرصا عليهم فأكد له ما يقلع طمعه وهذا كقوله تعالى ( إنك لا تهدي من أحببت ) وقوله ( وما أنت عليهم بجبار ) . وسيجيء في تفسير نظير هذه الآية من سورة الروم توجيه لتعداد التشابيه الثلاثة زائدا على ما هنا فأنظره .
وقرأ حمزة وحده ( وما أنت تهدي ) بمثناه فوقية في موضع الموحدة وبدون ألف بعد الهاء .
( إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون [ 81 ] ) استئناف بياني لترقب السامع معرفة من يهتدون بالقرآن .
والإسماع مستعمل في معناه المجازي كما تقدم .
وأوثر التعبير بالمضارع في قوله ( من يؤمن ) ليشمل من آمنوا من قبل فيفيد المضارع استمرار إيمانهم ومن سيؤمنون .
وقد ظهر من التقسيم الحاصل من قوله ( إنك لا تسمع الموتى ) إلى هنا أن الناس قسمان منهم من طبع الله على قلبه وعلم أنه لا يؤمن حتى يعاجله الهلاك ومنهم من كتب الله له السعادة فيؤمن سريعا أو بطيئا قبل الوفاة .
وفرع عليه ( فهم مسلمون ) المفيد للدوام والثبات لأنهم إذا آمنوا فقد صار الإسلام راسخا فيهم ومتمكنا منهم وكذلك الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب ) .
( وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم إن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون [ 82 ] ) هذا انتقال إلى التذكير بالقيامة وما ادخر لهم من الوعيد . فهذه الجملة معطوفة على الجمل قبلها عطف قصة على قصة . ومناسبة ذكرها ما تقدم من قوله ( إنك لا تسمع الموتى ) إلى قوله ( عن ضلالتهم ) . والضمير عائد إلى الموتى والصم والعمي وهم المشركون .
( والقول ) أريد به أخبار الوعيد التي كذبوها متهكمين باستبطاء وقوعها بقولهم ( متى هذا الوعد إن كنتم صادقين ) فالتعريف فيه للعهد يفسره المقام .
والوقوع مستعار لحلول وقته وذلك من وقت تهيؤ العالم للفناء إلى أن يدخل الجنة الجنة وأهل النار النار .
A E