وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

فإذا قال القائل : السلام على فلان وفلان غائب أو في حكم الغائب كان ذلك قرينة على أن المقصود الدعاء له بسلام من الله عليه . فقد أزيل منه معنى التحية لا محالة وتعين للدعاء ولهذا نهى النبي A المسلمين على أن يقولوا في التشهد : السلام على الله السلام على النبي السلام على فلان وفلان . قال لهم ( إن الله هو السلام ) أي لا معنى للسلام على الله في مقام الدعاء لأن الله هو المدعو بأن يسلم على من يطلب له ذلك .
فلما أمر تعالى في هذه السورة رسوله A أن يقول ( سلام على عباده الذين اصطفى ) فقد عين له هذه الجملة ليقولها يسأل من الله أن يكرم عباده الذين اصطفى بالثناء عليهم في الملأ الأعلى وحسن الذكر إذ قصارى ما يستطيعه الحاضر من جزاء الغائب على حسن صنيعه أن يبتهل إلى الله أن ينفحه بالكرامة .
والعباد الذين اصطفاهم الله في مقدمتهم الرسل والأنبياء ويشمل ذلك الصالحين من عباده كما في صيغة التشهد : ( السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ) . وسيأتي الكلام على التسليم على النبي A في سورة الأحزاب .
( الله خير أما تشركون [ 59 ] ) هذا مما أمر الرسول E أن يقول فأمر أن يقول : ( الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى ) تمهيدا لقوله : ( الله خير أما تشركون ) لأن العباد الذين اصطفاهم الله جاؤوا كلهم بحاصل هذه الجملة . وأمر أن يشرع في الاستدلال على مسامع المشركين فيقول لهم هذا الكلام بقرينة قوله ( أما تشركون ) بصيغة الخطاب في قراءة الجمهور ولأن المناسب للاستفهام أن يكون موجها إلى الذين أشركوا بالله ما لا يخلق ولا يرزق ولا يفيض النعم ولا يستجيب الدعاء فليس هذا لقصد إثبات التوحيد للمسلمين .
A E والاستفهام مستعمل في الإلجاء وإلزام المخاطب بالإقرار بالحق وتنبيهه على خطئه . وهذا دليل إجمالي يقصد به ابتداء النظر في التحقيق بالإلهية والعبادة . فهذا من قبيل ما قال الباقلاني وإمام الحرمين وابن فورك إن أول الواجبات أول النظر أو القصد إلى النظر ثم تأتي بعده الأدلة التفصيلية وقد ناسب إجماله أنه دليل جامع لما يأتي من التفاصيل فلذلك جيء فيه بالاسم الجامع لمعاني الصفات كلها وهو اسم الجلالة . فقيل : الله خير . وجيء فيما بعد بالاسم الموصول لما في صلاته من الصفات .
وجاء ( خير ) بصيغة التفضيل لقصد مجاراة معتقدهم أن أصنامهم شركاء الله في الإلهية بحيث كان لهم حظ وافر من الخير في زعمهم فعبر ب ( خير ) لإيهام أن المقام لإظهار رجحان إلهية الله تعالى على أصنامهم استدراجا لهم في التنبيه على الخطأ مع التهكم بهم إذ آثروا عبادة الأصنام على عبادة الله . والعاقل لا يؤثر شيئا على شيء إلا لداع يدعو إلى إيثاره ففي هذا الاستفهام عن الأفضل في الخير تنبيه لهم على الخطأ المفرط والجهل المورط لتنفتح بصائرهم إلى الحق إن أرادوا اهتداء . والمعنى : الله الحقيق بالإلهية أم ما تشركون معه .
والاستفهام على حقيقته بقرينة وجود ( أم ) المعادلة للهمزة فإن التهكم يبنى على الاستعمال الحقيقي .
وهذا الكلام كالمقدمة للأدلة الآتية جميعها على هذا الدليل الإجمالي كما ستعلمه .
وقرأ الجمهور ( تشركون ) بتاء الخطاب . وقرأه أبو عمرو وعاصم ويعقوب بياء الغيبة فيكون القول الذي أمر به النبي A محكيا بالمعنى روعي فيه غيبة المشركين في مقام الخطاب بالأمر .
و ( ما ) موصولة والعائد محذوف . والتقدير : ما يشركونها إياه أي أصنامكم .
( أمن خلق السماوات والأرض وأنزل لكم من السماء ماء فأنبتنا به حدائق ذات بهجة ما كان لكم أن تنبتوا شجرها أإله مع الله بل هم قوم يعدلون [ 60 ] )