وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وهذا موضع سجدة من سجود القرآن بالاتفاق . ووجه السجود هنا إظهار مخالفة المشركين إذ أبوا السجود للرحمن فلما حكي إباؤهم من السجود للرحمان في معرض التعجيب من شأنهم عزز ذلك بالعمل بخلافهم فسجد النبي A هنا مخالفا لهم مخالفة بالفعل مبالغة في مخالفته لهم بعد أن أبطل كفرهم بقوله ( وتوكل على الحي الذي لا يموت ) الآيات الثلاث . وسن الرسول عليه السلام السجود في هذا الموضع .
A E ( تبارك الذي جعل في السماء بروجا وجعل فيها سرجا وقمرا منيرا [ 61 ] ) .
استئناف ابتدائي جعل تمهيدا لقوله ( وعباد الرحمان الذين يمشون على الأرض هونا ) الآيات التي هي محصول الدعامة الثالثة من الدعائم الثلاث التي أقيم عليها بناء هذه السورة وافتتحت كل دعامة منها ب ( تبارك الذي... ) الخ كما تقدم في صدر السورة . وافتتح ذلك بإنشاء الثناء على الله بالبركة والخير لما جعله للخلق من المنافع . وتقدم ( تبارك ) أول السورة وفي قوله ( تبارك الله رب العالمين ) في الأعراف .
والبروج : منازل مرور الشمس فيما يرى الراصدون . وقد تقدم الكلام عليها عند قوله تعالى ( ولقد جعلنا في السماء بروجا ) في أول سورة الحج .
والامتنان بها لأن الناس يوقتون بها أزمانهم .
وقرأ الجمهور ( سراجا ) بصيغة المفرد . والسراج : الشمس كقوله ( وجعل الشمس سراجا ) في سورة نوح . ومناسبة ذلك لما يرد بعده من قوله ( وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة... . ) .
وقرأ حمزة والكسائي ( سرجا ) بضم السين والراء جمع سراج فيشمل مع الشمس النجوم فيكون امتنانا بحسن منظرها للناس كقوله ( ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح ) . والامتنان بمحاسن المخلوقات وارد في القرآن قال تعالى ( ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون ) .
والكلام جار على التشبيه البليغ لأن حقيقة السراج : المصباح الزاهر الضياء . والمقصود : أنه جعل الشمس مزيلة للظلمة كالسراج أو خلق النجوم كالسراج في التلألؤ وحسن المنظر .
ودلالة خلق البروج والشمس والقمر على عظيم القدرة دلالة بينة للعاقل وكذلك دلالته على دقيق الصنع ونظامه بحيث لا يختل ولا يختلف حتى تسنى للناس رصد أحوالها وإناطة حسابهم بها .
( وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا [ 62 ] ) .
الاستدلال هذا بما في الليل والنهار من اختلاف الحال بين ظلمة ونور وبرد وحر مما يكون بعضه أليق ببعض الناس من بعض ببعض آخر وهذا مخالف للاستدلال الذي في قوله ( وهو الذي جعل لكم الليل لباسا والنوم سباتا وجعل النهار نشورا ) فهذه دلالة أخرى والحكم في المخلوقات كثيرة .
والقصر هنا قصر حقيقي وليس إضافيا فلذلك لا يراد به الرد على المشركين بخلاف صيغ القصر السابقة من قوله ( وهو الذي جعل لكم الليل لباسا ) إلى قوله ( وكان ربك قديرا ) .
والخلفة بكسر الخاء وسكون اللام : اسم لما يخلف غيره في بعض ما يصلح له . صيغ هذا الاسم على زنة فعلة لأنه في الأصل ذو خلفة أي صاحب حالة خلف فيها غيره ثم شاع استعماله فصار اسما قال زهير : .
بها العين والآرام يمشين خلفة ... وأطلاؤها ينهضن من كل مجثم أي يمشي سرب ويخلفه سرب آخر ثم يتعاقب هكذا . فالمعنى : جعل الليل خلفة والنهار خلفة : أي كل واحد منهما خلفة عن الآخر أي فيما يعمل فيها من التدبر في أدلة العقيدة والتعبد والتذكر .
واللام في ( لمن أراد أن يذكر ) لام التعليل وهي متعلقة ب ( جعل ) فأفاد ذلك أن هذا الجعل نافع من أراد أن يذكر أو أراد شكورا .
والتذكر : تفعل من الذكر أي تكلف الذكر . والذكر جاء في القرآن بمعنى التأمل في أدلة الدين وجاء بمعنى : تذكر فائت أو منسي ويجمع المعنيين استظهار ما احتجب عن الفكر .
والشكور : بضم الشين مصدر مرادف الشكر والشكر : عرفان إحسان المحسن . والمراد به هنا العبادة لأنها شكر لله تعالى .
A E