وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وأنا أقول : إن ذكر الإكراه جرى على النظر لحال القضية التي كانت سبب النزول .
والذي يظهر من كلام ابن العربي أنه قد نحا بعض العلماء إلى اعتبار الشرط في الآية دليلا على تحريم الإكراه على البغاء بقيد إرادة الإماء التحصن . فقد تكون الآية توطئة لتحريم البغاء تحريما باتا فحرم على المسلمين أن يكرهوا إماءهم على البغاء لأن الإماء المسلمات يكرهن ذلك ولا فائدة لهن فيه ثم لم يلبث أن حرم تحريما مطلقا كما دل عليه حديث أبي مسعود الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن مهر البغي فإن النهي عن أكله يقتضي إبطال البغاء .
وقد يكون هذا الاحتمال معضودا بقوله تعالى بعده ( ومن يكرههن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم ) كما يأتي .
وفي تفسير الأصفهاني : " وقيل إنما جاء النهي عن الإكراه لا عن البغاء لأن حد الزنا نزل بعد هذا " . وهذا يقتضي أن صاحب هذا القول يجعل أول السورة نزل بعد هذه الآيات ولا يعرف هذا .
وقوله ( لتبتغوا عرض الحياة الدنيا ) متعلق ب ( تكرهوا ) أي لا تكرهوهن لهذه العلة . ذكر هذه العلة لزيادة التبشيع كذكر ( إن أردن تحصنا ) .
و ( عرض الحياة ) هو الأجر الذي يكتسبه الموالي من إمائهم وهو ما يسمى بالمهر أيضا .
وأما قوله ( ومن يكرههن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم ) فهو صريح في أنه حكم متعلق بالمستقبل لأنه مضارع في حيز الشرط وهو صريح في أنه عفو عن إكراه .
والذي يشتمل عليه هذا الخبر جانبان : جانب المكرهين وجانب المكرهات " بفتح الراء " فأما جانب المكرهين فلا يخطر بالبال أن الله غفور رحيم لهم بعد أن نهاهم عن الإكراه إذ ليس لمثل هذا التبشير نظير في القرآن .
وأما الإماء المكرهات فإن الله غفور رحيم لهن . وقد قرأ بهذا المقدر عبد الله بن مسعود وابن عباس فيما يروى عنهما وعن الحسن أنه كان يقول " غفور رحيم لهن والله " . وجعلوا فائدة هذا الخبر أن الله عذر المكرهات لأجل الإكراه وأنه من قبيل قوله ( فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن الله غفور رحيم ) . وعلى هذا فهو تعريض بالوعيد للذين يكرهون الإماء على البغاء .
ومن المفسرين من قدر المحذوف ضمير ( من ) الشرطية أي غفور رحيم له وتأولوا ذلك بأنه بعد أن يقلع ويتوب وهو تأويل بعيد .
وقوله ( فإن الله غفور رحيم ) دليل جواب الشرط إذ حذف الجواب إيجازا واستغنى عن ذكره بذكر علته التي تشمله وغيره . والتقدير : فلا إثم عليهن فإن الله غفور رحيم لأمثالهن ممن أكره على فعل جريمة .
والفاء رابطة الجواب .
وحرف ( إن ) في هذا المقام يفيد التعليل ويغني غناء لام التعلل .
( ولقد أنزلنا إليكم آيات مبينات ومثلا من الذين خلوا من قبلكم وموعظة للمتقين [ 34 ] ) ذيلت الأحكام والمواعظ التي سبقت بإثبات نفعها وجدواها لما اشتملت عليه مما ينفع الناس ويقيم عمود جماعتهم ويميز الحق من الباطل ويزيل من الأذهان اشتباه الصواب بالخطأ فيعلم الناس طرق النظر الصائب والتفكير الصحيح وذلك تنبيه لما تستحقه من التدبر فيها ولنعمة الله على الأمة بإنزالها ليشكروا الله حق شكره .
A E