وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وقال مالك والشافعي : دور مكة ملك لأهلها ولهم الامتناع من إسكان غيرهم ولهم إكراؤها للناس وإنما تجب المواساة عند الضرورة وعلى ذلك حملوا ما كان يفعله عمر فهو من المواساة . وقد اشترى عمر دار صفوان بن أمية وجعلها سجنا . وقال أبو حنيفة : دور مكة لا تملك وليس أهلها أن يكروها . وقد ظن أن الخلاف في ذلك مبني على الاختلاف في أن مكة فتحت عنوة أو صلحا . والحق أنه لا بناء على ذلك لأن من القائلين بأنها فتحت عنوة قائلين بتملك دور مكة فهذا مالك بن أنس يراها فتحت عنوة ويرى صحة تملك دورها . ووجه ذلك : أن النبي A أقر أهلها في منازلهم فيكون قد أقطعهم إياها كما من على أهلها بالإطلاق من الأسر ومن السبي . ولم يزل أهل مكة يتبايعون دورهم ولا ينكر عليهم أحد من أهل العلم .
وخبر ( إن الذين كفروا ) محذوف تقديره : نذقهم من عذاب أليم دل عليه قوله في الجملة الآتية ( ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم ) .
وإذ كان الصد عن المسجد الحرام إلحادا بظلم فإن جملة ( ومن يرد فيه فإلحاد بظلم ) تذييل للجملة السابقة لما في ( من ) الشرطية من العموم .
والإلحاد : الانحراف عن الاستقامة وسواء الأمور . والظلم يطلق على الإشراك وعلى المعاصي لأنها ظلم النفس .
والباء في ( بإلحاد ) زائدة للتوكيد مثلها في ( وامسحوا برؤوسكم ) . أي من يرد إلحادا وبعدا عن الحق والاستقامة وذلك صدهم عن زيارته .
والباء في ( بظلم ) للملابسة . فالظلم : الإشراك لأن المقصود تهديد المشركين الذين حملهم الإشراك على مناواة المسلمين ومنعهم من زيارة المسجد الحرام .
و ( من ) في قوله ( من عذاب أليم ) مزيدة للتوكيد على رأي من لا يشترطون لزيادة ( من ) وقوعها بعد نفي أو نهي . ولك أن تجعلها للتبعيض أي نذقه عذابا من عذاب أليم .
A E ( وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت أن لا تشرك بي شيئا وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود [ 26 ] ) عطف على جملة ( ومن يرد فيه بإلحاد بظلم ) عطف قصة على قصة . ويعلم منها تعليل الجملة المعطوفة عليها بأن الملحد في المسجد الحرام قد خالف بإلحاده فيه ما أراده الله من تطهيره حين أمر ببنائه . والتخلص من ذلك إلى إثبات ظلم المشركين وكفرانهم نعمة الله في إقامة المسجد الحرام وتشريع الحج .
و ( إذا ) اسم زمان مجرد عن الظرفية فهو منصوب بفعل مقدر على ما هو متعارف في أمثاله والتقدير : واذكر إذ بوأنا أي اذكر زمان بوأنا لإبراهيم فيه كقوله تعالى ( وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة ) أي اذكر ذلك الوقت العظيم . وعرف معنى تعظيمه من إضافة اسم الزمان إلى الجملة الفعلية دون المصدر فصار بما يدل عليه الفعل من التجدد كأنه زمن حاضر .
والتبوئة : الإسكان . وتقدم في قوله تعالى ( وكذلك مكنا ليوسف في الأرض يتبوأ منها ) .
والمكان : الساحة من الأرض وموضع للكون فيه فهو فعل مشتق من الكون فتبوئته المكان : إذنه بأن يتخذه مباءة أي مقرا يبني فيه بيتا فوقع بذكر ( مكان ) إيجاز في الكلام كأنه قيل : وإذ أعطيناه مكانا ليتخذ فيه بيتا فقال : مكان البيت لأن هذا حكاية عن قصة معروفة لهم . وسبق ذكرها فيما نزل قبل هذه الآية من القرآن .
واللام في ( لإبراهيم ) لام العلة لأن ( إبراهيم ) مفعول أول ل ( بوأنا ) الذي هو من باب أعطى فاللام مثلها في قولهم : شكرت لك أي شكرتك لأجلك . وفي ذكر اللام في مثله ضرب من العناية والتكرمة .
و ( البيت ) معروف معهود عند نزول القرآن فلذلك عرف بلام العهد ولولا هذه النكتة لكان ذكر ( مكان ) حشوا . والمقصود أن يكون مأوى للدين أي معهدا لإقامة شعائر الدين .
فكان يتضمن بوجه الإجمال أنه يترقب تعلما بالدين فلذلك أعقب بحرف " أن " التفسيرية التي تقع بعد جملة فيها معنى القول دون حروفه . وكان أصل الدين هو نفي الإشراك بالله فعلم أن البيت جعل معلما للتوحيد بحيث يشترط على الداخل إليه أن لا يكون مشركا فكانت الكعبة لذلك أول بيت وضع للناس لإعلان التوحيد كما بيناه عند قوله تعالى ( إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين ) في سورة آل عمران