وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والترجي المستفاد من ( لعل ) ؛ إما تمثيل لشأن الله في دعوة فرعون بشأن الراجي وإما أن يكون إعلاما لموسى وفرعون بأن يرجوا ذلك فكان النطق بحرف الترجي على لسانهما كما تقول للشخص إذا أشرت عليه بشيء : فلعله يصادفك تيسير وأنت لا تريد أنك ترجو ذلك ولكن بطلب رجاء من المخاطب . وقد تقدمت نظائره في القرآن غير مرة .
والتذكر : من الذكر " بضم الذال " أي النظر أي لعله ينظر نظر المتبصر فيعرف الحق أو يخشى حلول العقاب به فيطيع عن خشية . لا عن تبصر . وكان فرعون من أهل الطغيان واعتقاد أنه على الحق . فالتذكير : أن يعرف أنه على الباطل والخشية : أن يتردد في ذلك فيخشى أن يكون على الباطل فيحتاط لنفسه بالأخذ بما دعاه إليه موسى .
وهنا انتهى تكليم الله تعالى موسى " عليه السلام " .
( قالا ربنا إننا نخاف أن يفرط علينا أو أن يطغى [ 45 ] قال لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى [ 46 ] فأتيه فقولا إنا رسولا ربك فأرسل معنا بني إسرائيل ولا تعذبهم قد جئنك بآية من ربك والسلم على من اتبع الهدى [ 47 ] إنا قد أوحي إلينا أن العذاب على من كذب وتولى [ 48 ] ) فصلت الجملتان لوقوعهما موقع المحاورة بين موسى مع أخيه وبين الله تعالى على كلا الوجهين اللذين ذكرناهما آنفا أي جمعا أمرهما وعزم موسى وهارون على الذهاب إلى فرعون فناجيا ربهما ( قالا ربنا إننا نخاف أن يفرط علينا أو أن يطغى ) لأن غالب التفكير في العواقب والموانع يكون عند العزم على الفعل والآخذ في التهيؤ له ولذلك أعيد أمرهما بقوله تعالى ( فأتياه ) .
و ( يفرط ) معناه يعجل ويسبق ويقال : فرط يفرط من باب نصر . والفارط : الذي يسبق الواردة إلى الحوض للشرب . والمعنى : نخاف أن يعجل بعقابنا بالقتل أو غيره من العقوبات قبل أن نبلغه ونحجه .
والطغيان : التظاهر بالتكبر . وتقدم آنفا عند قوله ( اذهب إلى فرعون إنه طغى ) أي نخاف أن يخامره كبره فيعد ذكرنا إلها دونه تنقيصا له وطعنا في دعواه الإلهية فيطغى أي يصدر منه ما هو أثر الكبر من التحقير والإهانة . فذكر الطغيان بعد الفرط إشارة إلى أنهما لا يطيقان ذلك فهو انتقال من الأشد إلى الأضعف لأن ( نخاف ) يؤول إلى معنى النفي . وفي النفي يذكر الأضعف بعد الأقوى بعكس الإثبات ما لم يوجد ما يقتضي عكس ذلك .
وحذف متعلق ( يطغي ) فيحتمل أن حذفه لدلالة نظيره عليه وأوثر بالحذف لرعاية الفواصل . والتقدير : أو أن يطغي علينا . ويحتمل أن متعلقه ليس نظير المذكور قبله بل هو متعلق آخر لكون التقسيم التقديري دليلا عليه لأنها لما ذكر متعلق ( يفرط علينا ) وكان الفرط شاملا لأنواع العقوبات حتى الإهانة بالشتم لزم أن يكون التقسيم ب ( أو ) منظورا فيه إلى حالة أخرى وهي طغيانه على من لا يناله عقابه أي أن يطغي على الله بالتنقيص كقوله ( ما علمت لكم من إله غيري ) وقوله ( لعلي أطلع إلى إله موسى ) فحذف متعلق ( يطغي ) حينئذ لتنزيهه على التصريح به في هذا المقام والتقدير : أو أن يطغي عليك فيتصلب في كفره ويعسر صرفه عنه . وفي التحرز من ذلك غيرة على جانب الله تعالى وفيه أيضا تحرز من رسوخ عقيدة الكفر في نفس الطاغي فيصير الرجاء في إيمانه بعد ذلك أضعف منه فيما قبل وتلك مفسدة في نظر الدين . وحصلت مع ذلك رعاية الفاصلة .
قال الله ( لا تخافا ) أي لا تخافا حصول شيء من الأمرين . وهو نهى مكنى به عن نفسي وقوع المنهي عنه .
وجملة ( إنني معكما ) تعليل للنهي عن الخوف الذي هو في معنى النفي والمعية معية حفظ .
A E و ( أسمع وأرى ) حالان من ضمير المتكلم أي أنا حافظكما من كل ما تخافانه وأنا أعلم الأقوال والأعمال فلا داع عملا أو قولا تخافانه .
ونزل فعلا ( أسمع وأرى ) منزلة اللازمين إذ لا غرض لبيان مفعولهما بل المقصود : أني لا يخفي علي شيء . وفرغ عليه إعادة الأمر بالذهاب إلى فرعون