وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وقد جاء خطاب الله تعالى لموسى " عليه السلام " بطريقة الاستدلال على كل حكم وأمر أو نهي فابتدئ بالإعلام بأن الذي يكلمه هو الله وأنه لا إله إلا هو ثم فرع عليه الأمر في قوله ( فاعبدني وأقم الصلاة لذكري ) ثم عقب بإثبات الساعة وعلل بأنها لتجزي كل نفس بما تسعى ثم فرع عليه النهي عن أن يصده عنها من لا يؤمن بها ثم فرع على النهي أنه إن ارتكب ما نهي عنه هلك وخسر .
( وما تلك بيمينك يا موسى [ 17 ] قال هي عصاي أتوكؤا عليها وأهش بها على غنمي ولي فيها مآرب أخرى [ 18 ] قال ألقها يا موسى [ 19 ] فألقيها فإذا هي حية تسعى [ 20 ] قال خذها ولا تخف سنعيدها سيرتها الأولى [ 21 ] ) بقية ما نودي به موسى . والجملة معطوفة على الجمل قبلها انتقالا إلى محاورة أراد الله منها أن يري موسى كيفية الاستدلال على المرسل إليهم بالمعجزة العظيمة هي انقلاب العصا حية تأكل الحيات التي يظهرونها .
وإبراز انقلاب العصا حية في خلال المحاورة لقصد تثبيت موسى ودفع الشك عن أن يتطرقه لو أمره بذلك دون تجربة لأن مشاهد الخوارق تسارع بالنفس بادئ ذي بدء إلى تأويلها وتدخل عليها الشك في إمكان استتار المعتاد بساتر خفي أو تخييل فلذلك ابتدئ بسؤاله عما بيده ليوقن أنه ممسك بعصاه حتى إذا انقلبت حية لم يشك في أن تلك الحية هي التي كانت عصاه . فالاستفهام مستعمل في تحقيق حقيقة المسؤول عنه .
والقصد من ذلك زيادة اطمئنان قلبه بأنه في مقام الاصطفاء وأن الكلام الذي سمعه كلام من قبل الله بدون واسطة متكلم معتاد ولا في صورة المعتاد كما دل عليه قوله بعد ذلك ( لنريك من آياتنا الكبرى ) .
فظاهر الاستفهام أنه سؤال عن شيء أشير إليه وبينت الإشارة بالظرف المستقر وهو قوله ( بيمينك ) ووقع الظرف حالا من اسم الإشارة أي ما تلك حال كونها بيمينك ؟ .
ففي هذا إيماء إلى أن السؤال عن أمر غريب في شأنها ولذلك أجاب موسى عن هذا الاستفهام ببيان ماهية المسؤول عنه جريا على الظاهر وببيان بعض منافعها استقصاء لمراد السائل أن يكون قد سأل عن وجه اتخاذه العصا بيده لأن شأن الواضحات أن لا يسأل عنها إلا والسائل يريد من سؤاله أمرا غير ظاهر ولذلك لما قال النبي A في خطبة حجة الوداع : " أي يوم هذا ؟ سكت الناس وظنوا أنه سيسميه بغير اسمه . وفي رواية أنهم قالوا : الله ورسوله أعلم . فقال : أليس يوم الجمعة ؟ . . " إلى آخره .
A E فابتدأ موسى ببيان الماهية بأسلوب يؤذن بانكشاف حقيقة المسؤول عنه وتوقع أن السؤال عنه توسل لتطلب بيان وراءه فقال : ( هي عصاي ) بذكر المسند إليه مع أن غالب الاستعمال حذفه في مقام السؤال للاستغناء عن ذكره في الجواب بوقوعه مسؤولا عنه فكان الإيجاز يقتضي أن يقول : عصاي . فلما قال ( هي عصاي ) كان الأسلوب أسلوب كلام من يتعجب من الاحتياج إلى الإخبار كما يقول سائل لما رأى رجلا يعرفه وآخر لا يعرفه : من هذا معك ؟ فيقول . فلان فإذا لقيهما مرة أخرى وسأله : من هذا معك ؟ أجابه : هو فلان ولذلك عقب موسى جوابه ببيان الغرض من اتخاذها لعله أن يكون هو قصد السائل فقال : ( أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي ولي فيها مآرب أخرى ) . ففصل ثم أجمل لينظر مقدار اقتناع السائل حتى إذا استزاده بيانا زاده .
والباء في قوله ( بيمينك ) للظرفية أو الملابسة .
والتوكؤ : الاعتماد على شيء من المتاع والاتكاء كذلك فلا يقال : توكأ على الحائط ولكن يقال : توكأ على وسادة وتوكأ على عصا .
والهش : الخبط وهو ضرب الشجرة بعصا ليتساقط ورقها وأصله متعد إلى الشجرة فلذلك ضمت عينه في المضارع ثم كثر حذف مفعوله وعدي إلى ما لأجله يوقع الهش ب ( على ) لتضمين ( أهش ) معنى أسقط . على غنمي الورق فتأكله أو استعملت " على " بمعنى الاستعلاء المجازي كقولهم : هو وكيل على فلان