وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

و ( عددا ) نعت ( سنين ) . والعدد : مستعمل في الكثرة أي سنين ذات عدد كثير . ونظيره ما في حديث بدء الوحي من قول عائشة " فكان يخرج إلى غار حراء فيتحنث فيه الليالي ذوات العدد " تريد الكثيرة . وقد أجمل العدد هنا تبعا لإجمال القصة .
والبعث : هنا الإيقاظ أي أيقظناهم من نومتهم يقظة مفزوع . كما يبعث البعير من مبركه . وحسن هذه الاستعارة هنا أن المقصود من هذه القصة إثبات البعث بعد الموت فكان في ذكر لفظ البعث تنبيه على أن في هذه الإفاقة دليلا على إمكان البهث وكيفيته .
والحزب : الجماعة الذين توافقوا على شيء واحد . فالحزبان فريقان : أحدهما مصيب والآخر مخطئ في عد الأمد الذي مضى عليهم . فقيل : هما فريقان من أهل الكهف أنفسهم على أنه المشار إليه بقوله تعالى ( قال قائل منهم كم لبثتم ) . وفي هذا بعد من لفظ حزب إذ كان القائل واحدا والآخرون شاكين وبعيد أيضا من فعل ( أحصى ) لأن أهل الكهف ما قصدوا الإحصاء لمدة لبثهم عند إفاقتهم بل خالوها زمنا قليلا . فالوجه : أن المراد بالحزبين حزبان من الناس أهل بلدهم اختلفت أقوالهم في مدة لبثهم بعد أن علموا انبعاثهم من نومتهم . أحد الفريقين مصيب والآخر مخطيء والله يعلم المصيب منهم والمخطئ . فهما فريقان في جانبي صواب وخطإ كما دل عليه قوله ( أحصى ) .
ولا ينبغي تفسير الحزبين بأنهما حزبان من أهل الكهف الذين قال الله فيهم ( قال قائل منهم كم لبثتم قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم ) الآية .
وجعل حصول علم الله بحال الحزبين علة لبعثه إياهم كناية عن حصول الاختلاف في تقدير مدتهم فإنهم إذا اختلفوا علم الله اختلافهم علم الواقعات وهو تعلق للعلم يصح أن يطلق عليه تنجيزي وإن لم يقع ذلك عند علماء الكلام .
وقد تقدم عند قوله تعالى ( لنبلوهم أيهم أحسن عملا ) في أول السورة .
و ( أحصى ) يحتمل أن يكون فعلا ماضيا أن يكون اسم تفضيل مصوغا من الرباعي على خلاف القياس . واختار الزمخشري في الكشاف تبعا لأبي علي الفارسي الأول تجنبا لصوغ اسم التفضيل على غير قياس لقلته . واختار الزجاج الثاني . ومع كون صوغ اسم التفضيل من غير الثلاثي ليس قياسا فهو كثير في الكلام الفصيح وفي القرآن .
فالوجه أن ( أحصى ) اسم تفضيل والتفضيل منصرف إلى ما في معنى الإحصاء من الضبط والإصابة . والمعنى : لنعلم أي الحزبين أتقن إحصاء . أي عدا بأن يكون هو الموافق للواقع ونفس الأمر ويكون ما عداه تقريبا ورجما بالغيب وذلك هو ما فصله قوله تعالى ( سيقولون ثلاثة ) الآية .
ف ( أي ) اسم استفهام مبتدأ وهو معلق لفعل ( لنعلم ) عن العمل ( وأحصى ) خبر عن ( أي ) و ( أمدا ) تمييز لاسم التفصيل تمييز نسبة أي نسبة التفضيل إلى موصوفه كما في قوله ( أنا أكثر منك مالا ) . ولا يريبك أنه لا يتضح أن يكون هذا التمييز محولا عن الفاعل لأنه لا يستقيم أن تقول : أفضل أمده . إذ التحويل أمر تقديري يقصد منه التقريب .
والمعنى : ليظهر اضطراب الناس في ضبط تواريخ الحوادث واختلال حرصهم وتخمينهم إذا تصدوا لها ويعلم تفريط كثير من الناس في تحديد الحوادث وتاريخها وكلا الحالين يمت إلى الآخر بصلة .
( نحن نقص عليك نبأهم بالحق إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى [ 13 ] وربطنا على قلوبهم إذ قاموا فقالوا ربنا رب السماوات والأرض لن ندعوا من دونه إلها لقد قلنا إذا شططا [ 14 ] ) لما اقتضى قوله ( لنعلم أي الحزبين أحصى ) أن في نبأ أهل الكهف تخرصات ورجما بالغيب أثار ذلك في النفس تطلعا إلى معرفة الصدق في أمرهم من أصل وجود القصة إلى تفاصيلها من مخبر لا يشك في صدق خبره كانت جملة ( نحن نقص عليك نبأهم بالحق ) استئنافا بيانيا لجملة ( لنعلم أي الحزبين أحصى لما لبثوا أمدا ) .
وهذا شروع في مجمل القصة والاهتمام بمواضع العبرة منها . وقدم منها ما فيه وصف ثباتهم على الإيمان ومنابذتهم قومهم الكفرة ودخولهم الكهف .
وتقديم المسند إليه على المسند الفعلي في جملة ( نحن نقص عليك ) يفيد الاختصاص أي نحن لا غيرنا يقص قصصهم بالحق .
والحق : هنا الصدق . والصدق من أنواع الحق ومنه قوله تعالى ( حقيق علي أن لا أقول على الله إلا الحق ) في سورة الأعراف