وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

كان المشركون يحيطون بالنبي A في المسجد الحرام إذا قرأ القرآن يستمعون لما يقوله ليتلقفوا ما في القرآن مما ينكرونه مثل توحيد الله وإثبات البعث بعد الموت فيعجب بعضهم بعضا من ذلك فكان الإخبار عنهم بأنهم جعلت في قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقر وأنهم يولون على أدبارهم نفورا إذا ذكر الله وحده ويثير في نفس السامع سؤالا عن سبب تجمعهم لاستماع قراءة النبي A فكانت هذه الآية جوابا عن ذلك السؤال . فالجملة مستأنفة استئنافا بيانيا .
وافتتاح الجملة بضمير الجلالة لإظهار العناية بمضمونهما . والمعنى : أن الله يعلم علما حقا داعي استماعهم فإن كثرت الظنون فيه فلا يعلم أحد ذلك السبب .
و ( أعلم ) اسم تفضيل مستعمل في معنى قوة العلم وتفصيله . وليس المراد أن الله أشد علما من غيره إذ لا يقتضيه المقام .
والباء في قوله ( بما يستمعون ) لتعدية اسم التفضيل إلى متعلقه لأنه قاصر عن التعدية إلى المفعول . واسم التفضيل المشتق من العلم ومن الجهل يعدى بالباء وفي سوى ذينك يعدى باللام يقال : هو أعطى للدراهم .
والباء في ( يستمعون به ) للملابسة . والضمير المجرور بالباء عائد إلى " ما " الموصولة أي نحن أعلم بالشيء الذي يلابسهم حين يستمعون إليك وهي ظرف مستقر في موقع الحال . والتقدير : متلبس به .
وبيان إبهام ( ما ) حاصل بقوله ( إذ يستمعون إليك وإذ هم نجوى ) الآية .
و ( إذ ) ظرف ل ( يستمعون به ) .
والنجوى : اسم مصدر المناجاة وهي المحادثة سرا . وتقدم في قوله ( لا خير في كثير من نجواهم ) في سورة النساء .
وأخبر عنهم بالمصدر للمبالغة في كثرة تناجيهم عند استماع القرآن تشاغلا عنه .
( وإذ هم نجوى ) عطف على ( إذ يستمعون إليك ) أي نحن أعلم بالذي يستمعونه ونحن أعلم بنجواهم .
و ( إذ يقول ) بدل من ( إذ هم نجوى ) بدل بعض من كل لأن نجواهم غير منحصرة في هذا القول . وإنما خص هذا القول بالذكر لأنه أشد غرابة من بقية آفاكهم للبون الواضح بين حال النبي A وبين حال المسحور .
ووقع إظهار في مقام الإضمار في ( إذ يقول الظالمون ) دون : إذ يقولون للدلالة على أن باعث قولهم ذلك هو الظلم أي الشرك فإن الشرك ظلم أي ولولا شركهم لما مثل عاقل حالة النبي الكاملة بحالة المسحور . ويجوز أن يراد الظلم أيضا الاعتداء أي الاعتداء على النبي A كذبا .
( انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا [ 48 ] ) جملة مستأنفة استئنافا ابتدائيا ونظائرها كثيرة في القرآن .
والتعبير بفعل النظر إشارة إلى أنه بلغ من الوضوح أن يكون منظورا .
والاستفهام ب ( كيف ) للتعجيب من حالة تمثيلهم للنبي A بالمسحور ونحوه .
وأصل ( ضرب ) وضع الشيء وتثبيته يقال : ضرب خيمة ويطلق على صوغ الشيء على حجم مخصوص يقال : ضرب دنانير وهو هنا مستعار للإبراز والبيان تشبيها للشيء الميز المبين بالشيء المثبت . وتقدم عند قوله تعالى ( إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ) في سورة البقرة .
واللام في ( لك ) للتعليل والأجل أي ضربوا الأمثال لأجلك أي لأجل تمثيلك أي مثلوك . يقال : ضربت لك مثلا بكذا . وأصله مثلتك بكذا أي أجد كذا مثلا لك قال تعالى ( فلا تضربوا لله الأمثال ) وقال ( واضرب لهم مثلا أصحاب القرية ) أي اجعلهم مثلا لحالهم .
وجمع ( الأمثال ) هنا وإن كان المحكي عنهم أنهم مثلوه بالمسحور وهو مثل واحد لأن المقصود التعجيب من هذا المثل ومن غيره فيما يصدر عنهم من قولهم : هو شاعر هو كاهن هو مجنون هو ساحر هو مسحور وسميت أمثالا باعتبار حالهم لأنهم تحيروا فيما يصفونه به للناس لئلا يعتقدوه نبيا فجعلوا يتطلبون أشبه الأحوال بحاله في خيالهم فيلحقون به كمن يدرج فردا غريبا في أشبه الأجناس به كمن يقول في الزرافة : إنها من الأفراس أو الإبل أو من البقر .
وفرع ضلالهم على ضرب أمثالهم لأن ما ضربوه من الأمثال كله باطل وضلال وقوة في الكفر . فالمراد تفريع ضلالهم الخاص ببطلان تلك الأمثال أي فظهر ضلالهم في ذلك كقوله ( كذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عبدنا )