وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وفي قضية أمر إبراهيم بذبح ولده " عليهما السلام " ثم فدائه بذبح شاة رمز إلى الانتقال من شدة الأديان الأخرى في قرابينها إلى سماحة دين الله الحنيف في القربان بالحيوان دون الآدمي . ولذلك قال تعالى ( وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين إن هذا لهو البلاء المبين وفديناه بذبح عظيم ) .
فالشريعة التي تبنى تفاصيلها وتفاريعها على أصول شريعة تعتبر كأنها تلك الشريعة . ولذلك قال المحققون من علمائنا : إن الحكم الثابت بالقياس في الإسلام يصح أن يقال إنه دين الله وإن كان لا يصح أن يقال : قاله الله . وليس المراد أن جميع ما جاء به الإسلام قد جاء به إبراهيم " عليه السلام " إذ لا يخطر ذلك بالبال فإن الإسلام شريعة قانونية سلطانية وشرع إبراهيم شريعة قبائلية خاصة بقوم ولا أن المراد أن الله أمر النبي محمدا A باتباع ملة إبراهيم ابتداء قبل أن يوحي إليه بشرائع دين الإسلام لأن ذلك وإن كان صحيحا من جهة المعنى وتحتمله ألفاظ الآية لكنه لا يستقيم إذ لم يرد في شيء من التشريع الإسلامي ما يشير إلى أنه نسخ لما كان عليه النبي A من قبل .
فاتباع النبي ملة إبراهيم كان بالقول والعمل في أصول الشريعة من إثبات التوحيد والمحاجة له واتباع ما تقتضيه الفطرة . وفي فروعها مما أوحى الله إليه من الحنيفية مثل الختان وخصال الفطرة والإحسان .
A E ( إنما جعل السبت على الذين اختلفوا فيه وإن ربك ليحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون [ 124 ] ) موقع هذه الآية ينادي على أنها تضمنت معنى يرتبط بملة إبراهيم وبمجيء الإسلام على أساسها .
فلما نفت الآية قبل هذه أن يكون إبراهيم " عليه السلام " من المشركين ردا على مزاعم العرب المشركين أنهم على ملة إبراهيم انتقل بهذه المناسبة إلى إبطال ما يشبه تلك المزاعم . وهي مزاعم اليهود أن ملة اليهودية هي ملة إبراهيم زعما ابتدعوه حين ظهور الإسلام جحدا لفضيلة فاتتهم وهي فضيلة بناء دينهم على أول دين للفطرة الكاملة حسدا من عند أنفسهم . وقد بينا ذلك عند قوله تعالى ( يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم ) في سورة آل عمران .
فهذه الآية مثل آية آل عمران ( يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم وما أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده أفلا تعقلون ها أنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم والله يعلم وأنتم لا تعلمون ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين ) فذلك دال على أن هؤلاء الفرق الثلاث اختلفوا في إبراهيم فكل واحدة من هؤلاء تدعي أنها على ملته إلا أنه اقتصر في هذه الآية على إبطال مزاعم المشركين بأعظم دليل وهو أن دينهم الإشراك وإبراهيم " عليه السلام " ما كان من المشركين . وعقب ذلك بإبطال مزاعم اليهود لأنها قد تكون أكثر زواجا لأن اليهود كانوا مخالطين العرب في بلادهم فأهل مكة كانوا يتصلون باليهود في أسفارهم وأسواقهم بخلاف النصارى .
ولما كانت هذه السورة مكية لم يتعرض فيها للنصارى الذين تعرض لهم في سورة آل عمران .
ولهذا تكون جملة ( إنما جعل السبت ) استئنافا بيانيا نشأ عن قوله ( ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا ) إذ يثير سؤالا من المخالفين : كيف يكون الإسلام من ملة إبراهيم ؟ وفيه جعل يوم الجمعة اليوم المقدس . وقد جعلت التوراة لليهود يوم التقديس يوم السبت . ولعل اليهود شغبوا بذلك على المسلمين فكان قوله ( إنما جعل السبت على الذين اختلفوا فيه ) بيانا لجواب هذا السؤال .
وقد وقعت هذه الجملة معترضة بين جملة ( ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا ) وجملة ( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة ) الخ .
ولذلك افتتحت الجملة بأداة الحصر إشعارا بأنها لقلب ما ظنه السائلون المشغبون .
وهذا أسلوب معروف في كثير من الأجوبة الموردة لرد رأي موهوم فالضمير في قوله ( فيه ) عائد إلى إبراهيم على تقدير مضاف أي اختلفوا في ملته وليس عائدا على السبت إذ لا طائل من المعنى في ذلك . والذين اختلفوا في إبراهيم أي في ملته هم اليهود لأنهم أصحاب السبت