وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

لما شنع على المشركين أنهم حرموا على أنفسهم ما لم يحرمه الله وحذر المسلمين من تحريم أشياء على أنفسهم جريا على ما اعتاده قومهم من تحريم ما احل لهم نظر أولئك وحذر هؤلاء . فهذا وجه تعقيب الآية السالفة بآية ( وعلى الذين هادوا حرمنا ما قصصنا عليك من قبل ) .
والمراد منه ما ذكر في سورة الأنعام كما روي عن الحسن وعكرمة وقتادة . وقد أشار إلى تلك المناسبة قوله ( وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ) أي وما ظلمناهم بما حرمنا عليهم ولكنهم كفروا النعمة فحرموا من نعم عظيمة . وغير أسلوب الكلام إلى خطاب النبي A لأن جانب التحذير فيه أهم من جانب التنظير .
وتقديم المجرور في ( وعلى الذين هادوا ) للاهتمام وللإشارة إلى أن ذلك حرم عليهم ابتداء ولم يكن محرما من شريعة إبراهيم " عليه السلام " التي كان عليها سلفهم كما قال تعالى ( كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة ) أي عليهم دون غيرهم فلا تحسبوا أن ذلك من الحنيفية .
( ثم إن ربك للذين عملوا السوء بجهالة ثم تابوا من بعد ذلك وأصلحوا إن ربك من بعدها لغفور رحيم [ 119 ] ) A E موقع هذه الآية من اللواتي قبلها كموقع قوله السابق ( ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ) . فلما ذكرت أحوال أهل الشرك وكان منها ما حرموه على أنفسهم وكان المسلمون قد شاركوهم أيام الجاهلية في ذلك ووردت قوارع الذم لما صنعوا كان مما يتوهم علوقه بأذهان المسلمين أن يحسبوا أنهم سينالهم شيء من غمص لما اقترفوه في الجاهلية فطمأن الله نفوسهم بأنهم لما تابوا بالإقلاع عن ذلك بالإسلام وأصلحوا عملهم بعد ان أفسدوا فإن الله قد غفر لهم مغفرة عظيمة ورحمهم رحمة واسعة .
ووقع الإقبال بالخطاب على النبي A إيماء إلى إن تلك المغفرة من بركات الدين الذي أرسل به .
وذكر اسم الرب مضافا إلى ضمير النبي للنكتة المتقدمة آنفا في قوله ( ثم إن ربك للذين هاجروا ) .
والجهالة : انتفاء العلم بما يجب . والمراد : جهالتهم بأدلة الإسلام .
و ( ثم ) للترتيب الرتبي لأن الجملة المعطوفة ب ( ثم ) تضمنت حكم التوبة وأن المغفرة والرحمة من آثارها وذلك أهم عند المخاطبين مما سبق من وعيد أي الذين عملوا السوء جاهلين بما يدل على فساد ما علموه . وذلك قبل أن يستجيبوا لدعوة الرسول فإنهم في مدة تأخرهم عن الدخول في الإسلام موصوفون بأنهم أهل جهالة وجاهلية أو جاهلين بالعقاب المنتظر على معصية الرسول وعنادهم إياه .
ويدخل في هذا الحكم من عمل حراما من المسلمين جاهلا بأنه حرام وكان غير مقصر في جهله . وقد تقدم عند قوله تعالى ( إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ) في سورة النساء .
وقوله ( إن ربك من بعدها ) تأكيد لفظي لقوله ( ثم إن ربك ) لزيادة الاهتمام بالخبر على الاهتمام الحاصل بحرف التوكيد ولام الابتداء . ويتصل خبر ( إن ) باسمها لبعد ما بينهما .
ووقع الخبر بوصف الله بصفة المبالغة في المغفرة والرحمة وهو كناية عن غفرانه لهم ورحمته إياهم في ضمن وصف الله بهاتين الصفتين العظيمتين .
والباء في ( بجهالة ) للملابسة وهي في موضع الحال من ضمير ( عملوا ) .
وضمير ( من بعدها ) عائد إلى الجهالة أو إلى التوبة .
( إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين [ 120 ] شاكرا لأنعمه اجتباه وهداه إلى صراط مستقيم [ 121 ] وآتيناه في الدنيا حسنة وإنه في الآخرة لمن الصالحين [ 122 ] ) استئناف ابتدائي للانتقال إلى غرض التنويه بدين الإسلام بمناسبة قوله ( ثم تابوا من بعد ذلك وأصلحوا ) المقصود به أنهم كانوا في الجاهلية ثم اتبعوا الإسلام فيعد أن بشرهم بأنه غفر لهم ما عملوه من قبل زادهم فضلا ببيان فضل الدين الذي اتبعوه .
وجعل الثناء على إبراهيم " عليه السلام " مقدمة لذلك لبيان أن فضل الإسلام فضل زائد على جميع الأديان بان مبدأه برسول ومنتهاه برسول . وهذا فضل لم يحظ به دين آخر