وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ومن قبيلها استعارة " البلى " لزوال صفة الشخص تشبيها للزوال بعد التمكن ببلى الثوب بعد جدته في قول أبي الغول الطهوي : .
ولا تبلى بالتهم وإن هم ... صلوا بالحرب حينا بعد حين واستعارة سل الثياب إلى زوال المعاشرة في قول امرئ القيس : .
" فسلي ثيابي عن ثيابك تنسل ومن لطائف البلاغة جعل اللباس لباس شيئين لأن تمام اللبسة أن يلبس المرء إزارا ودرعا .
ولما كان اللباس مستعارا لإحاطة ما غشيهم من الجوع والخوف وملازمته أريد إفادة أن ذلك متمكن منهم ومستقر في إدراكهم استقرار الطعام في البطن إذ يذاق في اللسان والحلق ويحس في الجوف والأمعاء .
فاستعير له فعل الإذاقة تمليحا وجمعا بين الطعام واللباس لأن غاية القرى والإكرام أن يؤدب للضيف ويخلع عليه خلعة من إزار وبرد فكانت استعارتان تهكميتان .
فحصل في الآية استعارتان : الأولى : استعارة الإذاقة وهي تبعية مصرحة والثانية : اللباس وهي أصلية مصرحة .
A E ومن بديع النظم أن جعلت الثانية متفرعة على الأولى ومركبة عليها بجعل لفظها مفعولا للفظ الأولى . وحصل بذلك أن الجوع والخوف محيطان بأهل القرية في سائر أحوالهم وملازمان لهم وأنهم بالغان منهم مبلغا أليما .
وأجمل ( بما كانوا يصنعون ) اعتمادا على سبق ما يبينه من قوله ( فكفرت بأنعم الله ) .
( ولقد جاءهم رسول منهم فكذبوه فأخذهم العذاب وهم ظالمون [ 113 ] ) لما أخبر عنهم بأنهم أذيقوا لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون وكان إنما ذكر من صنعهم أنهم كفروا بأنعم الله . زيد هنا أن ما كانوا يصنعون عام لكل عمل لا يرضي الله غير مخصوص بكفرهم نعمة الله وإن من أشنع ما كانوا يصنعون تكذيبهم رسول الله A مع أنه منهم . وذلك أظهر في معنى الإنعام عليهم والرفق بهم . وما من قرية أهلكت إلا وقد جاءها رسول من أهلها ( وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا يتلوا عليهم آياتنا ) .
والأخذ : الإهلاك . وقد تقدم عند قوله تعالى ( فأخذناهم بغتة وهم لا يشعرون ) في سورة الأعراف .
وتأكيد الجملة بلام القسم وحرف التحقيق للاهتمام بهذا الخبر تنبيها للسامعين المعرض بهم لأنه محل الإنذار .
وتعريف ( العذاب ) للجنس أي فأخذهم عذاب كقوله ( وما أرسلنا في قرية من نبي إلا أخذنا أهلها بالبأساء والضراء لعلهم يضرعون ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة حتى عفوا وقالوا قد مس آباءنا الضراء والسراء فأخذناهم بغتة وهم لا يشعرون ) .
( فكلوا مما رزقكم الله حللا طيبا واشكروا نعمت الله إن كنتم إياه تعبدون [ 114 ] ) تفريع على الموعظة وضرب المثل وخوطب به فريق من المسلمين كما دل عليه قوله ( إن كنتم إياه تعبدون إنما حرم عليكم الميتة ) إلى آخره .
ولعل هذا موجه إلى أهل هجرة الحبشة إذ أصبحوا آمنين عند ملك عادل في بلد يجدون فيه رزقا حلالا وهو ما يضافون به وما يكسبونه بكدهم أي إذا علمتم حال القرية الممثل بها أو المعرض بها فاشكروا الله الذي نجاكم من مثل ما أصاب القرية فاشكروا الله ولا تكفروه كما كفر بنعمته أهل تلك القرية . فقوله ( واشكروا نعمة الله ) مقابل قوله في المثل ( فكفرت بأنعم الله ) إن كنتم لا تعبدون غيره كما هو مقتضى الإيمان .
وتعليق ذلك بالشرط للبعث على الامتثال لإظهار صدق إيمانهم .
وإظهار اسم الجلالة في قوله ( واشكروا نعمة الله ) مع أن مقتضى الظاهر الإضمار لزيادة التذكير ولتكون جملة هذا الأمر مستقلة بدلالتها بحيث تصح أن تجرى مجرى المثل .
وقيل : هذه الآية نزلت بالمدينة ( والمعنى واحد ) وهو قول بعيد .
والأمر في قوله ( فكلوا ) للامتنان . وإدخال حرف التفريع عليه باعتبار أن الأمر بالأكل مقدمة للأمر بالشكر وهو المقصود بالتفريع . والمقصود : فاشكروا نعمة الله ولا تكفروها فيحل بكم ما حل بأهل القرية المضروبة مثلا .
والحلال : المأذون فيه شرعا . والطيب : ما يطيب للناس طعمه وينفعهم قوته .
( إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن الله غفور رحيم [ 115 ] )