وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وهو أمكن من كلام الكشاف . وزاد أبو السعود : " لما كان مدار الجزاء هو حسن العمل رتب عليه الإرشاد إلى ما به يحسن العمل الصالح بأن يخلص من شوب الفساد " . وفي كلاميهما من الوهن أنه لا وجه لتخصيص الاستعاذة بإرادة قراءة القرآن .
وقول ابن عطية : " الفاء في ( فإذا ) واصلة بين الكلامين والعرب تستعملها في مثل هذا " فتكون الفاء على هذا لمجرد وصل كلام بكلام واستشهد له بالاستعمال والعهدة عليه .
وقال شرف الدين الطيبي : قوله تعالى ( فإذا قرأت القرآن ) متصل بالفاء بما سبق من قوله تعالى ( ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين ) . وذلك لأنه تعالى لما من على النبي A بإنزال كتاب جامع لصفات الكمال وأنه تبيان لكل شئ ونبه على أنه تبيان لكل شيء بالكلمة الجامعة وهي قوله تعالى ( إن الله يأمر بالعدل والإحسان ) الآية وعطف عليه ( وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ) وأكده ذلك التأكيد قال بعد ذلك ( فإذا قرأت القرآن ) أي إذا شرعت في قراءة هذا الكتاب الشريف الجامع الذي نبهت على بعض ما اشتمل عليه ونازعك فيه الشيطان بهمزة ونفثه فاستعذ بالله منه والمقصود إرشاد الأمة ) اه .
وهذا أحسن الوجوه وقد انقدح في فكري قبل مطالعة كلامه ثم وجدته في كلامه فحمدت الله وترحمته عليه . وعليه فما بين جملة ( ونزلنا عليك الكتاب تبيانا ) الخ وجملة ( فإذا قرأت القرآن ) جملة معترضة . والمقصود بالتفريع الشروع في التنويه بالقرآن .
وإظهار اسم ( القرآن ) دون أن يضمر للكتاب لأجل بعد المعاد .
والأظهر أن ( قرأت ) مستعمل في إرادة الفعل مثل قوله تعالى ( إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم ) وقوله ( وأوفوا الكيل إذا كلتم ) وقوله ( والذين يظهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا ) أي يريدون العود إلى أزواجهم بقرينة قوله بعده ( من قبل أن يتماسا ) في سورة المجادلة وقوله تعالى ( وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا ) في سورة النساء أي أوشكوا أن يتركوا بعد موتهم وقوله ( وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ) أي إذا أردتم أن تسألوهن وفي الحديث ( إذا بايعت فقل : لا خلابة ) .
وحمله قليل من العلماء على الظاهر من وقوع الفعل فجعلوا إيقاع الاستعاذة بعد القراءة . ونسب إلى مالك في المجموعة . والصحيح من مالك خلافه ونسب إلى النخعي وابن سيرين وداود الظاهري وروي عن أبي هريرة .
والباء في ( بالله ) لتعدية فعل الاستعاذة يقال : عاذ بحصن وعاد بالحرم .
والسينن في ( فاستعذ بالله ) للطلب أي فاطلب العوذ بالله من الشيطان . والعوذ : اللجأ إلى ما يعصم ويقي من أمر مضر .
ومعنى طلب العوذ بالله محاولة العوذ به . ولا يتصور ذلك في جانب الله إلا بالدعاء أن يعيذه . ومن أحسن الامتثال محاكاة صيغة الأمر فيما هو من قبيل الأقوال بحيث لا يغير إلا التغيير الذي لا مناص منه فتكون محاكاة لفظ استعذ بما يدل على طلب العوذ بأن يقال : أستعيذ أو : أعوذ فاختير لفظ أعوذ لأنه من صيغ الإنشاء ففيه إنشاء الطلب لفظ أستعيذ فإنه أخفى في إنشاء الطلب على اقتداء بما في الآية الأخرى ( وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين ) وأبقى ما عدا ذلك من ألفاظ آية الاستعاذة على حاله . وهذا أبدع الامثال فقد ورد في عمل النبي A بهذا الأمر أنه كان يقول : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم يحاكي لفظ هذه الآية ولم يقل في الاستعاذة ( أعوذ بك من همزات الشياطين ) لأن ذلك في غير قراءة القرآن ولم يحاكه النبي A في استعاذته للقراءة .
قال ابن عطية : لم يصح عن النبي زيادة على هذا اللفظ . وما يروي من الزيادات لم يصح منه شيء . وجاء حديث الترمذي عن أبي سعيد الخدري قال : " كان رسول الله إذا قام من الليل يقول أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه الخ . " فتلك استعاذة تعوذ وليست الاستعاذة لأجل قراءة القرآن .
واسم الشيطان تقدم عند قوله تعالى ( إلى شيطانهم ) في سورة البقرة . والرجيم تقدم عند قوله تعالى ( وحفظناها من كل شيطان رجيم ) في سورة الحجر .
والخطاب للنبي A والمراد عمومه لأمته بقرينة قوله تعالى ( إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون ) .
A E