وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ولما كان الحمد مظهرا من مظاهر الشكر في مظهر النطق جعل كناية عن الشكر هنا إذ كان الكلام على إخلال المشركين بواجب الشكر إذ أثنوا على الأصنام وتركوا الثناء على الله وفي الحديث " الحمد رأس الشكر " .
جيء بهذه الجملة البليغة الدلالة المفيدة انحصار الحمد في ملك الله تعالى وهو إما حصر ادعائي لأن الحمد إنما يكون على نعمة وغير الله إذا أنعم فإنما إنعامه مظهر لنعمة الله تعالى التي جرت على يديه كما تقدم في صدر سورة الفاتحة وإما قصر إضافي قصر إفراد للرد على المشركين إذ قسموا حمدهم بين الله وبين آلهتهم .
ومناسبة هذا الاعتراض هنا تقدم قوله تعالى ( وبنعمة الله هم يكفرون ويعبدون من دون الله ما لا يملك لهم رزقا ) . فلما ضرب لهم المثل المبين لخطئهم وأعقب بجملة ( لا يستوون ) ثني عنان الكلام إلى الحمد لله لا للأصنام .
وجملة ( بل أكثرهم لا يعلمون ) إضراب للانتقال من الاستدلال عليهم إلى تجهيلهم في عقيدتهم .
A E وأسند نفي العلم إلى أكثرهم لأن منهم من يعلم الحق ويكابر استبقاء للسيادة واستجلابا لطاعة دهمائهم فهذا ذم لأكثرهم بالصراحة وهو ذم لأقلهم بوصمة المكابرة والعناد بطريق التعريض .
وهذا نظير قوله تعالى في سورة الزمر ( ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون ورجلا سلما لرجل هل يستويان مثلا الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون ) .
وإنما جاءت صيغة الجمع في قوله تعالى ( هل يستوون ) لمراعاة أصحاب الهيئة المشبهة لأنها أصنام كثيرة كل واحد منها مشبه بعبد مملوك لا يقدر على شيء فصيغة الجمع هنا تجريد للتمثيلية أي هل يستوي أولئك مع الإله الحق القادر المتصرف . وإنما أجري ضمير جمعهم على صيغة جمع العالم تغليبا لجانب أحد التمثيلين وهو جانب الإله القادر .
( وضرب الله مثلا رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شيء وهو كل على مولاه أينما يوجهه لا يأت بخير هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم [ 76 ] ) هذا تمثيل ثان للحالتين بحالتين باختلاف وجه الشبه . فاعتبر هنا المعنى الحاصل من حال الأبكم وهو العجز عن الإدراك وعن العمل وتعذر الفائدة منه في سائر أحواله ؛ والمعنى الحاصل من حال الرجل الكامل العقل والنطق في إدراكه الخير وهديه إليه وإتقان عمله وعمل من يهديه ضربه الله مثلا لكماله وإرشاده الناس إلى الحق ومثلا للأصنام الجامدة التي لا تنفع ولا تضر .
وقد قرن في التمثيل هنا حال الرجلين ابتداء ثم فصل في آخر الكلام مع ذكر عدم التسوية بينهما بأسلوب من نظم الكلام بديع الإيجاز إذ حذف من صدر التمثيل ذكر الرجل الثاني للاقتصار على ذكره في استنتاج عدم التسوية تفننا في المخالفة بيبن أسلوب هذا التمثيل وأسلوب سابقه الذي في قوله تعالى ( ضرب الله مثلا عبدا مملوكا ) . ومثل هذا التفنن من مقاصد البلغاء كراهية للتكرير لأن تكرير الأسلوب بمنزلة تكرير الألفاظ .
والأبكم : الموصوف بالبكم " بفتح الباء والكاف " وهو الخرس في أصل الخلقة من وقت الولادة بحيث لا يفهم ولا يفهم . وزيد في وصفه أنه زمن لا يقدر على شيء . وتقدم عند قوله تعالى ( صم بكم عمي ) في أول سورة البقرة .
والكل " بفتح الكاف " العالة على الناس . وفي الحديث " من ترك كلا فعلينا " أي من ترك عيالا فنحن نكلفهم . وأصل الكل : الثقل . ونشأت عنه معان مجازية اشتهرت فساوت الحقيقة .
والمولى : الذي يلي أمر غيره . والمعنى : هو عالة على كافله لا يدبر أمر نفسه . وتقدم عند قوله تعالى ( بل الله مولاكم ) في سورة آل عمران وقوله تعالى ( وردوا إلى الله مولاهم الحق ) في سورة يونس .
ثم زاد وصفه بقلة الجدوى بقوله تعالى ( أينما يوجهه ) أي مولاه في عمل ليعمله أو يأتي به لا يأت بخير أي لا يهتدي إلى ما وجه إليه لأن الخير هو ما فيه تحصيل الغرض من الفعل ونفعه .
ودلت صلة ( يأمر بالعدل ) على أنه حكيم عالم بالحقائق ناصح للناس يأمرهم بالعدل لأنه لا يأمر بذلك إلا وقد علمه وتبصر فيه .
والعدل : الحق والصواب الموافق للواقع