وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وقد صرح بمفهوم جملة القصر بجملة ( والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء ) فكانت بيانا لها . وكان مقتضى الظاهر أن تفصل ولا تعطف وإنما عطفت لما فيها من التفضيل والتمثيل فكانت زائدة على مقدار البيان . والمقصود بيان عدم استحقاق الأصنام أن يدعوها الداعون . واسم الموصول صادق على الأصنام . وضمير ( يدعون ) للمشركين . ورابط الصلة ضمير نصب محذوف . والتقدير : والذين يدعونهم من دونه لا يستجيبون لهم .
A E وأجري على الأصنام ضمير العقلاء في قوله ( لا يستجيبون ) مجاراة للاستعمال الشائع في كلام العرب لأنهم يعاملون الأصنام معاملة عاقلين .
والاستجابة : إجابة نداء المنادي ودعوة الداعي فالسين والتاء لقوة الفعل .
والباء في ( بشيء ) لتعدية ( يستجيبون ) لأن فعل الإجابة يتعدى إلى الشيء المجاب به بالباء . وإذا أريد من الاستجابة تحقيق المأمول اقتصر على الفعل كقوله ( فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهن ) .
فلما أريد هنا نفي إجداء دعائهم الأصنام جعل نفي الإجابة متعديا بالباء إلى انتفاء أقل ما يجيب به المسؤول وهو الواعد بالعطاء أو الاعتذار عنه فهم عاجزون عن ذلك وهم أعجز عما فوقه .
وتنكير ( شيء ) للتحقير . والمراد أقل ما يجاب به من الكلام .
والاستثناء في ( إلا كباسط كفيه ) من عموم أحوال الداعين والمستجيبين والدعوة والاستجابة لأنه تشبيه هيئة فهو يسري إلى جميع أجزائها فلك أن تقدر الكلام إلا كداع باسط أو إلا كحال باسط . والمعنى : لا يستجيبونهم في حال من أحوال الدعاء والاستجابة إلا في حال لداع ومستجيب كحال باسط كفيه إلى الماء . وهذا الاستثناء من تأكيد الشيء بما يشبه ضده فيؤول إلى نفي الاستجابة في سائر الأحوال بطريق التمليح والكناية .
والمراد ب ( باسط كفيه ) من يغترف ماء بكفين مبسوطتين غير مقبوضتين إذ الماء لا يستقر فيهما . وهذا كما يقال : هو كالقابض على الماء في تمثيل إضاعة المطلوب . وأنشد أبو عبيدة .
فأصبحت فيما كان بيني وبينهما ... من الود مثل القابض الماء باليد و ( إلى ) للانتهاء لدلالة ( باسط ) على أنه مد إلى الماء . وكذلك ضمير ( هو ) والضمير المضاف إليه في ( بالغه ) للفم .
والكلام تمثيلية . شبه حال المشركين في دعائهم الأصنام وجلب نفعهم وعدم استجابة الأصنام لهم بشيء بحال الظمآن يبسط كفيه يبتغي أن يرتفع الماء في كفيه المبسوطتين إلى فمه ليرويه وما هو ببالغ إلى فمه بذلك الطلب فيذهب سعيه وتعبه باطلا مع ما فيه من كناية وتمليح كما ذكرناه .
وجملة ( وما دعاء الكافرين إلا في ضلال ) عطف على جملة ( والذين يدعون من دونه ) لاستيعاب حال المدعو وحال الداعي . فبينت الجملة السابقة حال عجز المدعوم عن الإجابة وأعقبت بالتمثيل المشتمل على كناية وتمليح . واشتمل ذلك أيضا بالكناية على خيبة الداعي .
وبينت هذه الجملة الثانية حال خيبة الداعي بالتصريح عقب تبيينه بالكناية . فاختلاف الغرض والأسلوب حسن العطف وبالمآل حصل توكيد الجملة الأولى وتقريرها وكانت الثانية كالفذلكة لتفصيل الجملة الأولى .
والضلال : التلف والضياع . و " في " للظرفية المجازية للدلالة على التمكن في الوصف أي إلا ضائع ضياعا شديدا .
( ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعا وكرها وظلالهم بالغدو والآصال [ 15 ] ) عطف على جملة ( له دعوة الحق ) أي له دعوة الحق وله يسجد من في السماوات والأرض وذلك شعار الإلهية فأما الدعوة فقد اختص بالحقة منها دون الباطلة وأما السجود وهو الهوي إلى الأرض بقصد الخضوع فقد اختص الله به على إطلاق لأن الموجودات العليا والمؤمنين بالله يسجدون له والمشركين لا يسجدون للأصنام ولا لله تعالى ولعلهم يسجدون لله في بعض الأحوال .
وعدل عن ضمير الجلالة إلى اسمه تعالى العلم تبعا للأسلوب السابق في افتتاح الأغراض الأصلية .
والعموم المستفاد من ( من ) الموصولة عموم عرفي يراد به الكثرة الكاثرة