وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وقرينة ذلك أن الكلام جار على عذاب الدنيا وهو الذي يقبل التأخير كما قال تعالى ( إنا كاشفوا العذاب قليلا إنكم عائدون ) أي عذاب الدنيا وهو الرجوع الذي أصيب به قريش بعد أن كان يطعمهم من جوع و ( على ) في قوله ( على ظلمهم ) بمعنى " مع " .
وسياق الآية على أن المراد بالمغفرة هنا التجاوز عن المشركين في الدنيا بتأخير العقاب لهم إلى اجل أراده الله أو إلى يوم الحساب وأن المراد بالعقاب في قوله ( وإن ربك لشديد العقاب ) ضد تلك المغفرة وهو العقاب المؤجل في الدنيا أو عقاب يوم الحساب فمحمل الظلم على ما هو المشهور في اصطلاح القرآن من إطلاقه على الشرك .
ويجوز أن يحمل الظلم على ارتكاب الذنوب بقرينة السياق كإطلاقه في قوله تعالى ( فبظلمهم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم ) فلا تعارض أصلا بين هذا المحمل وبين قوله ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) كما هو ظاهر .
وفائدة هذه العلاوة إظهار شدة رحمة الله بعباده في الدنيا كما قال ( ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى ) .
وجملة ( وإن ربك لشديد العقاب ) احتراس لئلا يحسبوا أن المغفرة المذكورة مغفرة دائمة تعريضا بان العقاب حال بهم من بعد .
( ويقول الذين كفروا لولا أنزل عليه آية من ربه إنما أنت منذر ولكل قوم هاد [ 7 ] ) عطف على جملة ( ويستعجلونك بالسيئة ) الآية . وهذه حالة من أعجوباتهم وهي عدم اعتدادهم بالآيات التي تأيد بها محمد A وأعظمها آيات القرآن فلا يزالون يسألون آية كما يقترحونها فله اتصال بجملة ( ولكن أكثر الناس لا يؤمنون ) .
ومرادهم بالآية في هذا خارق عادة على حساب ما يقترحون فهي مخالفة لما تقدم في قوله ( ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة ) لأن تلك في تعجيل ما توعدهم به . وما هنا في مجيء آية تؤيده كقولهم ( لولا أنزل عليك ملك ) .
ولكون اقتراحهم آية يشف عن إحالتهم حصولها لجهلهم بعظيم قدرة الله تعالى سيق هذا في عداد نتائج عظيم القدرة كما دل عليه قوله تعالى في سورة الأنعام ( وقالوا لولا نزل عليه آية من ربه قل إن الله قادر على أن ينزل آية ولكن أكثرهم لا يعلمون ) .
فبذلك انتظم تفرع الجمل بعضها على بعض وتفرع جميعها على الغرض الأصلي . والذين كفروا هم عين أصحاب ضمير ( يستعجلونك ) وإنما عدل عن ضميرهم إلى اسم الموصول لزيادة تسجيل الكفر عليهم ولما يومئ إليه الموصول من تعليل صدور قولهم ذلك .
وصيغة المضارع تدل على تجدد ذلك وتكرره .
و " لولا " حرف تحضيض . يموهون بالتخضيض أنهم حريصون وراغبون في نزول آية غير القرآن ليؤمنوا وهم كاذبون في ذلك إذ لو أوتوا آية كما يقترحون لكفروا بها كما قال تعالى ( وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون ) .
وقد رد الله اقتراحهم من أصله بقوله ( إنما أنت منذر ) فقصر النبي A على صفة الإنذار وهو قصر إضافي أي أنت منذر لا موجد خوارق عادة . وبهذا يظهر وجه قصره على الإنذار دون البشارة لأنه قصر إضافي بالنسبة لأحواله نحو المشركين .
وجملة ( ولكل قوم هاد ) تذييل بالأعم . أي إنما أنت منذر لهؤلاء لهدايتهم . ولكل قوم هاد أرسله الله ينذرهم لعلهم يهتدون . فما كنت بدعا من الرسل وما كان للرسل من قبلك آيات على مقترح أقوامهم بل كانت آياتهم بحسب ما أراد الله أن يظهره على أيديهم . على أن معجزات الرسل تأتي على حسب ما يلائم حال المرسل إليهم .
ولما كان الذين ظهرت بينهم دعوة محمد A عربا أهل فصاحة وبلاغة جعل الله معجزته العظمى القرآن بلسان عربي مبين . وإلى هذا المعنى يشير قول النبي A في الحديث الصحيح ما من الأنبياء نبي إلا أوتي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر وإنما كان الذي أوتيت وحيا أوحاه الله إلي فارجوا أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة .
وبهذا العموم الحاصل بالتذييل والشامل للرسول A صار المعنى إنما أنت منذر لقومك هاد إياهم إلى الحق . فإن الإنذار والهدي متلازمان فما من إنذار إلا وهو هداية وما من هداية إلا وفيها إنذار والهداية أعم من الإنذار . ففي هذا احتباك بديع .
A E