وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والجمع بين نفي أن يعبد الأصنام وبين إثبات أنه يعبد الله يقوم مقام صيغة القصر لو قال : فلا أعبد إلا الله فوجه العدول عن صيغة القصر : أن شأنها أن يطوى فيها الطرف المنفي للاستغناء عنه بالظرف المثبت لأنه المقصود . وذلك حين يكون الغرض الأصلي هو طرف الإثبات فأما إذا كان طرف النفي هو الأهم كما هنا وهو إبطال عبادة الأصنام أولا عدل عن صيغة القصر إلى ذكر صيغتي نفي وإثبات . فهو إطناب اقتضاه المقام كقول عبد الملك بن عبد الرحيم الحارثي أو السمؤال : .
تسيل على حد الظبات نفوسنا ... وليست على غير الظبات تسيل ( وأمرت ) عطف على جملة ( فلا أعبد الذين تعبدون من دون الله ) .
و ( أن أكون ) متعلق ب ( أمرت ) بحذف حرف الجر . وهو الباء التي هي لتعدية فعل ( أمرت ) و ( أن ) مصدرية لأن نصب الفعل المضارع بعدها يعين أنها مصدرية ويمنع احتمال أنها تفسيرية .
وأريد بالمؤمنين عقائب هذا اللقب الذين آمنوا بالله وبرسوله صلى الله عليه وسلم وبالقرآن والبعث فإذا أطلق لفظ المؤمنين انصرف إلى القوم الذين اتصفوا بالإسلام ولذلك لا يقدر للمؤمنين متعلق . وفي جعل النبي صلى الله عليه وسلم من جملة المؤمنين تشريف لهذا الجمع وتنويه به .
( وأن أقم وجهك للدين حنيفا ) موقع هذه الجملة معضل لأن الواو عاطفة لا محالة ووقعت بعدها ( أن ) . فالأظهر أن تكون ( أن ) مصدرية فوقوع فعل الطلب بعدها غير مألوف لأن حق صلة ( أن ) أن تكون جملة خبرية . قال في الكشاف : قد سوغ سيبويه أن توصل ( أن ) بالأمر والنهي لأن الغرض وصل ( أن ) بما تكون معه في معنى المصدر وفعلا الأمر والنهي دالان على المصدر لأنه غيرهما من الأفعال ا ه . يشير إلى ما في كتاب سيبويه " باب تكون ( أن ) فيه بمنزلة ( أي ) " . فالمعنى : وأمرت بإقامة وجهي للدين حنيفا ويكون العطف عطف مفرد على مفرد .
وقيل الواو عطفت فعلا مقدرا يدل عليه فعل ( أمرت ) . والتقدير : وأوحي إلي وتكون ( أن ) مفسرة للفعل المقدر لأنه فيه معنى القول دون حروفه .
وعندي : أن أسلوب نظم الآية على هذا الوجه لم يقع إلا لمقتضى بلاغي فلا بد من أن يكون لصيغة ( أقم وجهك ) خصوصية في هذا المقام فلنعرض عما وقع في الكشاف وعن جعل الآية مثالا لما سوغه سيبويه ولنجعل الواو متوسعا في استعمالها بأن استعملت نائبة مناب الفعل الذي عطفت عليه أي فعل ( أمرت ) دون قصد تشريكها لمعطوفها مع المعطوف عليه بل استعملت لمجرد تكريره . والتقدير : أمرت أن أقم وجهك فتكون ( أن ) تفسيرا لما في الواو من تقدير لفظ فعل ( أمرت ) لقصد حكاية اللفظ الذي أمره به بلفظه وليتأتى عطف ( ولا تكونن من المشركين ) عليه . وهذا من عطف الجمل لا من عطف المفردات وقد سبق مثل هذا عند قوله تعالى ( وأن احكم بينهم بما أنزل الله ) في سورة العقود وهو هنا أوعب .
A E والإقامة : جعل الشيء قائما . وهي هنا مستعارة لإفراد الوجه بالتوجه إلى شيء معين لا يترك وجهه ينثني إلى شيء آخر . واللام للعلة أي لأجل الدين فيصير المعنى : محض وجهك للدين لا تجعل لغير الدين شريكا في توجهك . وهذه التمثيلية كناية عن توجيه نفسه بأسرها لأجل ما أمره الله به من التبليغ وإرشاد الأمة وإصلاحها . وقريب منه قوله ( أسلمت وجهي لله ) في سورة آل عمران .
و ( حنيفا ) حال من ( الدين ) وهو دين التوحيد لأنه حنف أي مال عن الآلهة وتمحض لله . وقد تقدم عند قوله تعالى ( قل بل ملة إبراهيم حنيفا ) في سورة البقرة .
( ولا تكونن من المشركين ) نهي مؤكد لمعنى الأمر الذي قبله تصريحا بمعنى ( حنيفا ) . وتأكيد الفعل المنهي عنه بنون التوكيد للمبالغة في النهي عنه اعتناء بالتبرؤ من الشرك .
وقد تقدم غير مرة أن قوله ( من المشركين ) ونحوه أبلغ في الاتصاف من نحو : لا تكن مشركا لما فيه من التبرؤ من الطائفة ذات نحلة الإشراك .
( ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك إذا من الظالمين ) عطف على ( ولا تكونن من المشركين )