وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ضمير ( أحرزوا ) عائد إلى المشركين الذين عاد إليهم الضمير في قوله ( جمعهم ) . وضمير ( جمعوا ) عائد إلى المسلمين أي لولا نحن لغنم المشركون ما جمعه المسلمون من الغنائم ومنه قوله تعالى ( وعمروها أكثر مما عمروها ) في سورة الروم .
A E وعلى هذا الوجه يظهر معنى القصر أتم الظهور وهو أيضا المناسب لحالة المسلمين وحالة المشركين يومئذ فإن المسلمين كانوا في ضعف لأن أكثرهم من ضعاف القوم أو لأن أقاربهم من المشركين تسلطوا على أموالهم ومنعوهم حقوقهم إلجاء لهم إلى العود إلى الكفر . وقد وصف الله المشركين بالثروة في آيات كثيرة كقوله ( وذرني والمكذبين أولي النعمة ) وقال ( أن كان ذا مال وبنين إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين ) وقال ( لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد متاع قليل ) فلعل المشركين كانوا يحتقرون المسلمين كما حكي عن قوم نوح قولهم ( وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا ) . وقد قال الله للنبي A ( ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي ) إلى قوله ( أليس الله بأعلم بالشاكرين ) حين قال له المشركون : لو طردت هؤلاء العبيد من مجلسك لجلسنا إليك فكمدهم الله بأن المسلمين خير منهم لأنهم كملت عقولهم بالعقائد الصحيحة والآداب الجليلة . وهذا الوجه هو المناسب للإتيان بالمضارع في قوله ( يجمعون ) المقتضي تجدد الجمع وتكرره وذلك يقتضي عنايتهم بجمع الأموال ولم يكن المسلمون بتلك الحالة . والمعنى أن ذلك خير مما يجمعه المشركون مع اتصافهم بالشرك لأنهم وإن حصلوا ما به بعض الراحة في الدنيا فهم شرار النفوس خساس المدارك .
وقرأ الجمهور ( يجمعون ) بياء الغيبة فالضمير عائد على معلوم من الكلام أي مما يجمع المشركون من الأموال . وقرأه ابن عامر وأبو جعفر ورويس عن يعقوب ( مما تجمعون ) بتاء الخطاب فيكون خطابا للمشركين الذين شملهم الخطاب في أول الآية بقوله ( يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم ) فإنه بعد أن عمم الخطاب خص المؤمنين بالذكر وبالجدارة بالفرح فبقي الخطاب لمن عدا المسلمين وهم المشركون إذ ليس ثم غير هذين الفريقين من الناس هنالك . ولا يناسب جعل الخطاب للمسلمين إذ ليس ذلك من شأنهم كما تقدم آنفا ولأنه لا يظهر منه معنى التفضيل إلا بالاعتبار لأن المسلمين قد نالوا الفضل والرحمة فإذا نالوا معهما المال لم ينقص ذلك من كمالهم بالفضل والرحمة .
وقد أجملت الآية وجه تفضيل هذا الفضل والرحمة على ما يجمعونه لقصد إعمال النظر في وجوه تفضيله فإنها كثيرة منها واضح وخفي . وينبئ بوجه تفضيله في الجملة إضافته الفضل والرحمة إلى الله وإسناد فعل ( يجمعون ) إلى ضمير ( الناس ) . وهذا الفضل أخروي ودنيوي . أما الأخروي فظاهر وأما الدنيوي فلأن كمال النفس وصحة الاعتقاد وتطلع النفس إلى الكمالات وإقبالها على الأعمال الصالحة تكسب الراحة في الدنيا وعيشة هنيئة . قال تعالى ( يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية ) فجعل رضاها حالا لها وقت رجوعها إلى ربها . قال فخر الدين " والمقصود من الآية الإشارة إلى أن السعادات الروحانية أفضل من السعادات الجسمانية فيجب أن لا يفرح الإنسان بشيء من الأحوال الجسمانية لأن اللذات الجسمانية ليست غير دفع الآلام عند جمع من الحكماء والمعنى العدمي لا يستحق أن يفرح به . وعلى تقدير أن تكون هذه اللذات صفات ثبوتية فإنها لا تكون خالصة البتة بل تكون ممزوجة بأنواع من المكاره وهي لا تكون باقية فكلما كان الالتذاذ بها أكثر كانت الحسرات الحاصلة من خوف فواتها أكثر وأشد " .
ثم إن عدم دوامها يقتضي قصر مدة التمتع بها بخلاف اللذات الروحانية .
( قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحللا قل آالله أذن لكم أم على الله تفترون ) A E