وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

إن كان الذين اعترفوا بذنوبهم وعرضوا أموالهم للصدقة قد بقي في نفوسهم اضطراب من خوف أن لا تكون توبتهم مقبولة وأن لا يكون الرسول E قد رضي عنهم وكان قوله ( إن صلواتك سكن لهم ) مشيرا إلى ذلك وذلك الذي يشعر به اقتران قبول التوبة وقبول الصدقات هنا ليناظر قوله ( اعترفوا بذنوبهم ) وقوله ( خذ من أموالهم صدقة ) كانت جملة ( ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة ) استينافا بيانيا ناشئا عن التعليل بقوله ( إن صلواتك سكن لهم ) لأنه يثير سؤال من يسأل عن موجب اضطراب نفوسهم بعد أن تابوا فيكون الاستفهام تقريرا مشوبا بتعجيب من ترددهم في قبول توبتهم .
والمقصود منه التذكير بأمر معلوم لأنهم جروا على حال نسيانه ويكون ضمير ( يعلموا ) عائدا إلى ( الذين اعترفوا بذنوبهم ) .
وإن كان الذين اعترفوا بذنوبهم لم يخطر ببالهم شك في قبول توبتهم وكان قوله ( إن صلواتك سكن لهم ) مجرد إرشاد من الله لرسوله إلى حكمة دعائه لهم بأن دعاءه يصلح نفوسهم ويقوي إيمانهم كان الكلام عليهم قد تم عند قوله ( والله سميع عليم ) وكانت جملة ( ألم يعلموا ) مستأنفة استئنافا ابتدائيا على طريقة الاستطراد لترغيب أمثال أولئك في التوبة ممن تأخروا عنها وكان ضمير ( ألم يعلموا ) عائدا إلى ما هو معلوم من مقام التنزيل وهو الكلام على أحوال الأمة وكان الاستفهام إنكاريا .
ونزل جميعهم منزلة من لا يعلم قبول التوبة لأن حالهم حال من لا يعلم ذلك سواء في ذلك من يعلم قبولها ومن لا يعلم حقيقة وكان الكلام أيضا مسوقا للتحضيض وقوله و ( أن الله هو التواب الرحيم ) عطف على ( أن الله هو يقبل التوبة ) تنبيها على أنه كما يجب العلم بأن الله يفعل ذلك يجب العلم بأن من صفاته العلى أنه التواب الرحيم أي الموصوف بالإكثار من قبول توبة التائبين الرحيم لعباده . ولا شك أن قبول التوبة من الرحمة فتعقيب ( التواب ) ب ( الرحيم ) في غاية المناسبة .
( وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون ) عطف على جملة ( ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة ) الذي هو في قوة إخبارهم بأن الله يقبل التوبة وقل لهم اعملوا أي بعد قبول التوبة فإن التوبة إنما ترفع المؤاخذة بما مضى فوجب على المؤمن الراغب في الكمال بعد توبته أن يزيد من الأعمال الصالحة ليجبر ما فاته من الأوقات التي كانت حقيقة بأن يعمرها بالحسنات فعمرها بالسيئات فإذا وردت عليها التوبة زالت السيئات وأصبحت تلك المدة فارغة من العمل الصالح فلذلك أمروا بالعمل عقب الإعلام بقبول توبتهم لأنهم لما توبتهم كان حقا عليهم أن يدلوا على صدق توبتهم وفرط رغبتهم في الارتقاء إلى مراتب الكمال حتى يلحقوا بالذين سبقوهم فهذا هو المقصود ولذلك كان حذف مفعول ( اعملوا ) لأجل التعويل على القرينة ولأن الأمر من الله لا يكون بعمل غير صالح . والمراد بالعمل ما يشمل العمل النفساني من الاعتقاد والنية . وإطلاق العمل على ما يشمل ذلك تغليب .
وتفريع ( فسيرى الله عملكم ) زيادة في التحضيض . وفيه تحذير من التقصير أو من ارتكاب المعاصي لأن كون عملهم بمرأى من الله مما يبعث على جعله يرضي الله تعالى .
وذلك تذكير لهم باطلاع الله تعالى بعلمه على جميع الكائنات . وهذا كقول النبي A في بيان الإحسان " هو أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك " .
وعطف ( ورسوله ) على اسم الجلالة لأنه E هو المبلغ عن الله وهو الذي يتولى معاملتهم على حسب أعمالهم .
A E وعطف ( المؤمنون ) أيضا لأنهم شهداء الله في أرضه ولأن هؤلاء لما تابوا قد رجعوا إلى حضيرة جماعة الصحابة فإن عملوا مثلهم كانوا بمحل الكرامة منهم وإلا كانوا ملحوظين منهم بعين الغضب والإنكار . وذلك مما يحذره كل أحد هو من قوم يرمقونه شزرا ويرونه قد جاء نكرا .
والرؤية المسندة إلى الله تعالى رؤية مجازية . وهي تعلق العلم بالواقعات سواء كانت ذوات مبصرات أم كانت أحداثا مسموعات ومعاني مدركات وكذلك الرؤية المسندة إلى الرسول A والمؤمنين المعنى المجزي لقوله ( عملكم )