وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وكانت المدينة قد خلص أهلها للنبي A وأطاعوه فأعلمه الله أن فيهم بقية مردوا على النفاق لأنه تأصل فيهم من وقت دخول الإسلام بينهم .
وتقديم المجرور للتنبيه على أنه خبر لا نعت . و ( من ) في قوله ( وممن حولكم ) للتبعيض و ( من ) في قوله ( من الأعراب ) لبيان ( من ) الموصولة .
و ( من ) في قوله ( ومن أهل المدينة ) اسم بمعنى بعض . و ( مردوا ) خبر عنه أو تجعل ( من ) تبعيضية مؤذنة بمبعض محذوف تقديره : ومن أهل المدينة جماعة مردوا كما في قوله تعالى ( من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ) في سورة النساء .
ومعنى مرد على الأمر مرن عليه ودرب به ومنه الشيطان المارد أي في الشيطنة .
وأشير بقوله ( لا تعلمهم نحن نعلمهم ) إلى أن هذا القل الباقي من المنافقين قد أراد الله الاستيثار بعلمه ولم يطلع عليهم رسوله A كما أطلعه على كثير من المنافقين من قبل . وإنما أعلمه بوجودهم على الإجمال لئلا يغتر بهم المسلمون فالمقصود هو قوله ( لا تعلمهم ) .
وجملة ( نحن نعلمهم ) مستأنفة . والخبر مستعمل في الوعيد كقوله ( وسيرى الله عملكم ورسوله ) وإلا فإن الحكم معلوم للمخاطب فلا يحتاج إلى الإخبار به . وفيه إشارة إلى عدم الفائدة للرسول A في علمه بهم فإن علم الله بهم كاف . وفيه أيضا تمهيد لقوله بعده ( سنعذبهم مرتين ) .
وجملة ( سنعذبهم مرتين ) استيناف بياني للجواب على سؤال يثيره قوله ( نحن نعلمهم ) وهو أن يسأل سائل عن أثر كون الله تعالى يعلمهم فأعلم أنه سيعذبهم على نفاقهم ولا يفلتهم منه عدم علم الرسول E بهم .
والعذاب الموصوف بمرتين عذاب في الدنيا لقوله بعده ( ثم يردون إلى عذاب عظيم ) .
وقد تحير المفسرون في تعيين المراد من المرتين . وحملوه كلهم على حقيقة العدد . وذكروا وجودها لا ينشرح لها الصدر . والظاهر عندي أن العدد مستعمل لمجرد قصد التكرير المفيد للتأكيد كقوله تعالى ( ثم ارجع البصر كرتين ) أي تأمل تأملا متكررا . ومنه قول العرب : لبيك وسعديك فأسم التثنية نائب مناب إعادة اللفظ . والمعنى : سنعذبهم عذابا شديدا متكررا مضاعفا كقوله تعالى ( يضاعف لها العذاب ضعفين ) . وهذا التكرر تختلف أعدداه باختلاف أحوال المنافقين واختلاف أزمان عذابهم .
والعذاب العظيم : هو عذاب جهنم في الآخرة .
( وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صلحا وأخر سيئا عسى الله أن يتوب عليهم إن الله غفور رحيم ) الأظهر أن جملة ( وآخرون اعترفوا ) عطف على جملة ( وممن حولكم ) أي وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة آخرون أذنبوا بالتخلف فاعترفوا بذنوبهم بالتقصير . فقوله ( اعترفوا بذنوبهم ) إيجاز لأنه يدل على أنهم أذنبوا واعترفوا بذنوبهم ولم يكونوا منافقين لأن التعبير بالذنوب بصيغة الجمع يقتضي أنها أعمال سيئة في حالة الإيمان وكذلك التعبير عن ارتكاب الذنوب بخلط العمل الصالح بالسيئ .
وكان من هؤلاء جماعة منهم الجد بن قيس وكردم وأرس بن ثعلبة ووديعة ابن حزام ومرداس وأبو قيس وأبو لبابة في عشرة نفر اعترفوا بذنبهم في التخلف عن غزوة تبوك وتابوا إلى الله وربطوا أنفسهم في سواري المسجد النبوي أياما حتى نزلت هذه الآية في توبة الله عليهم .
والاعتراف : افتعال من عرف . وهو للمبالغة في المعرفة ولذلك صار بمعنى الإقرار بالشيء وترك إنكاره فالاعتراف بالذنب كناية عن التوبة منه لأن الإقرار بالذنب الفائت إنما يكون عند الندم والعزم على عدم العود إليه ولا يتصور فيه الإقلاع الذي هو من أركان التوبة لأنه ذنب مضى ولكن يشترط فيه العزم على أن لا يعود .
وخلطهم العمل الصالح والسيئ هو خلطهم حسنات أعمالهم بسيئات التخلف عن الغزو وعدم الإنفاق على الجيش .
A E وقوله ( خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا ) جاء ذكر الشيئين المختلطين بالعطف بالواو على اعتبار استوائهما في وقوع فعل الخلط عليهما . ويقال : خلط كذا بكذا على اعتبار أحد الشيئين المختلطين متلابسين بالخلط والتركيبان متساويان في المعنى ولكن العطف بالواو أوضح وأحسن فهو أفصح