وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والاستفهام إنكاري توبيخي . وتقديم المعمول وهو ( أبالله ) على فعله العامل فيه لقصد قصر التعيين لأنهم لما أتوا في اعتذارهم بصيغة قصر تعيين جيء في الرد عليهم بصيغة قصر تعيين لإبطال مغالطتهم في الجواب فأعلمهم بأن لعبهم الذي اعترفوا به ما كان إلا استهزاء بالله وآياته ورسوله لا يغير أولئك فقصر الاستهزاء على تعلقه بمن ذكر اقتضى أن الاستهزاء واقع لا محالة لأن القصر قيد في الخبر الفعلي فيقتضي وقوع الفعل على ما قرره عبد القاهر في معنى القصر الواقع في قول القائل : أنا سعيت في حاجتك وأنه يؤكد بنحو : وحدي أو لا غيري وأنه يقتضي وقوع الفعل فلا يقال : ما أنا قلت هذا ولا غيري أي ولا يقال : أنا سعيت في حاجتك وغيري وكذلك هنا لا يصح أن يفهم أبالله كنتم تستهزئون أم لم تكونوا مستهزئين .
والاستهزاء بالله وبآياته إلزام لهم : لأنهم استهزأوا برسوله وبدينه فلزمهم الاستهزاء بالذي أرسله بآيات صدقه .
( لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم ) A E لما كان قولهم ( إنما كنا نخوض ونلعب ) اعتذارا عن مناجاتهم أي إظهارا للعذر الذي تناجوا من أجله وأنه ما يحتاجه المتعب : من الارتياح إلى المزح والحديث في غير الجد فلما كشف الله أمر استهزائهم أردفه بإظهار قلة جدوى اعتذارهم إذ قد تلبسوا بما هو أشنع وأكبر مما اعتذروا عنه وهو التباسهم بالكفر بعد إظهار الإيمان . فإن الله لما أظهر نفاقهم كان ما يصدر عنهم من الاستهزاء أهون فجملة ( لا تعتذروا ) من جملة القول الذي أمر الرسول أن يقوله وهي ارتقاء في توبيخهم فهي متضمنة توكيدا لمضمون جملة ( أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون ) مع زيادة ارتقاء في التوبيخ وارتقاء في مثالبهم بأنهم تلبسوا بما هو أشد وهو الكفر فلذلك قطعت الجملة عن التي قبلها على أن شأن الجمل الواقعة في مقام التوبيخ أن تقطع ولا تعطف لأن التوبيخ يقتضي التعداد فتقع الجمل الموبخ بها موقع الأعداد المحسوبة نحو واحد اثنان فالمعنى لا حاجة بكم للاعتذار عن التناجي فإنكم قد عرفتم بما هو أعظم وأشنع .
والنهي مستعمل في التسوية وعدم الجدوى .
وجملة ( قد كفرتم بعد إيمانكم ) في موضع العلة من جملة ( لا تعتذروا ) تعليلا للنهي المستعمل في التسوية وعدم الجدوى .
وقوله ( قد كفرتم ) يدل على وقوع الكفر في الماضي أي قبل الاستهزاء وذلك أنه قد عرف كفرهم من قبل . والمراد بإسناد الإيمان إليهم : إظهار الإيمان وإلا فهم لم يؤمنوا إيمانا صادقا . والمراد بإيمانهم : إظهارهم الإيمان لا وقوع حقيقته . وقد أنبأ عن ذلك إضافة الإيمان إلى ضميرهم دون تعريف الإيمان باللام المفيدة للحقيقة أي بعد إيمان هو من شأنكم وهذا تعريض بأنه الإيمان الصوري غير الحق ونظيره قوله تعالى الآتي ( وكفروا بعد إسلامهم ) وهذا من لطائف القرآن .
( إن يعف عن طائفة منكم تعذب طائفة بأنهم كانوا مجرمين ) جاءت هذه الجملة على عادة القرآن في تعقيب النذارة بالتبشير للراغب في التوبة تذكيرا له بإمكان تدارك حاله .
ولما كان حال المنافقين عجيبا كانت البشارة لهم مخلوطة ببقية النذارة فأنبأهم أن طائفة منهم قد يعفى عنها إذا طلبت سبب العفو : بإخلاص الإيمان وإن طائفة تبقى في حالة العذاب والمقام دال على أن ذلك لا يكون عبثا ولا ترجيحا بدون مرجح فما هو إلا أن طائفة مرجوة الإيمان فيغفر عما قدمته من النفاق وأخرى تصر على النفاق حتى الموت فتصير إلى العذاب . والآيات الواردة بعد هذه تزيد ما دل عليه المقام وضوحا من قوله ( نسوا الله فنسيهم ) إلى قوله ( عذاب مقيم ) . وقوله بعد ذلك : ( فإن يتوبوا يك خيرا لهم وإن يتولوا يعذبهم الله عذابا أليما في الدنيا والآخرة )