وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

و ( بلى ) حرف جواب لكلام فيه معنى النفي فيقتضي إبطال النفي وتقرير المنفي ولذلك كان الجواب بها بعد النفي أصرح من الجواب بحرف ( نعم ) لأن نعم تحتمل تقرير النفي وتقرير المنفي وهذا معنى ما نقل عن ابن عباس في هذه الآية أنه قال : " لو قالوا نعم لكفروا " أي لكان جوابهم محتملا للكفر ولما كان المقام مقام إقرار كان الاحتمال فيه تفصيا من الاعتراف .
وقرأ نافع وأبو عمرو وابن عامر وأبو جعفر ويعقوب : ذرياتهم بالجمع وقرأ الباقون ذريتهم بالإفراد .
وقولهم ( شهدنا ) تأكيد لمضمون ( بلى ) والشهادة هنا أيضا بمعنى الإقرار .
ووقع ( أن تقولوا ) في موقع التعليل لفعل الأخذ والإشهاد فهو على تقدير لام التعليل الجارة وحذفها مع أن جار على المطرد الشائع . والمقصود التعليل بنفي أن يقولوا ( إنا كنا عن هذا غافلين ) لا بإيقاع القول فحذف حرف النفي جريا على شيوع حذفه مع القول أو هو تعليل بأنهم يقولون ذلك أن لم يقع إشهادهم على أنفسهم كما تقدم عند قوله تعالى ( أن تقولوا إنما أنزل الكتاب ) في سورة الأنعام .
وقرأ الجمهور : أن تقولوا بتاء الخطاب وقد حول الأسلوب من الغيبة إلى الخطاب ثم من خطاب الرسول إلى خطاب قومه تصريحا بأن المقصود من قصة أخذ العهد تذكير المشركين بما أودع الله في الفطرة من التوحيد وهذا الأسلوب هو من تحويل الخطاب عن مخاطب إلى غيره وليس من الالتفاف لاختلاف المخاطبين . وقرأه أبو عمرو وحده : بياء الغيبة والضمير عائد إلى ذريات بني آدم .
والإشارة ب ( هذا ) إلى مضمون الاستفهام وجوابه وهو الاعتراف بالربوبية لله تعالى على تقديره بالمذكور .
والمعنى : أن ذلك لما جعل في الفطرة عند التكوين كانت عقول البشر منساقة إليه فلا يغفل عنه أحد منهم فيعتذر يوم القيامة إذا سئل عن الإشراك بعذر الغفلة فهذا إبطال للاعتذار بالغفلة ولذلك وقع تقدير حرف نفي أي أن لا تقولوا الخ .
وعطف عليه الاعتذار بالجهل دون الغفلة بأن يقولوا : إننا اتبعنا آباءنا وما ظننا الإشراك إلا حقا فلما كان في أصل الفطرة العلم بوحدانية الله بطل الاعتذار بالجهل به وكان الإشراك أما عن عمد وأما عن تقصير وكلاهما لا ينهض عذرا وكل هذا إنما يصلح لخطاب المشركين دون بني إسرائيل .
ومعنى ( وكنا ذرية من بعدهم ) كنا على دينهم تبعا لهم لأننا ذرية لهم وشأن الذرية الاقتداء بالآباء وإقامة عوائدهم فوقع إيجاز في الكلام وأقيم التعليل مقام المعلل .
و ( من بعدهم ) نعت لذرية لما تؤذن به ذرية من الخلفية والقيام في مقامهم . والاستفهام في ( أفتهلكنا ) إنكاري والإهلاك هنا مستعار للعذاب والمبطلون الآخذون بالباطل وهو في هذا المقام الإشراك .
وفي هذه الآية دليل على أن الإيمان بالإله الواحد مستقر في فطرة العقل لو خلي ونفسه وتجرد من الشبهات الناشئة فيه من التقصير في النظر أو الملقاة إليه من أهل الضلالة المستقرة فيهم الضلالة بقصد أو بغير قصد ولذلك قال الماتريدي والمعتزلة : أن الإيمان بالإله الواحد واجب بالعقل ونسب إلى أبي حنيفة والى الماوردي وبعض الشافعية من أهل العراق وعليه انبتت مؤاخذة أهل الفترة على الإشراك وقال الأشعري : معرفة الله واجبة بالشرع لا بالعقل تمسكا بقوله تعالى ( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ) ولعله أرجع مؤاخذة أهل الفترة على الشرك إلى التواتر بمجيء الرسل بالتوحيد .
وجملة ( وكذلك نفصل الآيات ) معترضة بين القصتين والواو اعتراضية وتسمى واو الاستئناف أي مثل هذا التفصيل نفصل الآيات أي آيات القرآن وتقدم نظير هذا عند قوله تعالى ( وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين ) في سورة الأنعام . وتفصيلها بيانها وتجريدها من الالتباس .
وجملة ( ولعلهم يرجعون ) عطف على جملة ( وكذلك نفصل الآيات ) فهي في موقع الاعتراض وهذا إنشاء ترجي رجوع المشركين إلى التوحيد وقد تقدم القول في تأويل معنى الرجاء بالنسبة إلى صدوره من جانب الله تعالى عند قوله تعالى ( يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون ) في سورة البقرة .
A E