وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

جعل رجوع موسى إلى قومه غضبان كالأمر الذي وقع الإخبار عنه من قبل على الأسلوب المبين في قوله ( ولما جاء موسى لميقاتنا ) وقوله ( ولما سقط في أيديهم ) . فرجوع موسى معلوم من تحقق انقضاء المدة الموعود بها وكونه رجع في حالة غضب مشعر بأن الله أوهى إليه فأعلمه بما صنع قومه في مغيبه وقد صرح بذلك في سورة طه ( قال فإنا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري ) ف ( غضبان أسفا ) حالان من موسى فهما قيدان ل ( رجع ) فعلم أن الغضب والأسف مقارنان للرجوع .
والغضب تقدم في قوله ( قال قد وقع عليكم من ربكم رجس وغضب ) في هذه السورة .
والأسف بدون مد صيغة مبالغة للآسف بالمد الذي هو اسم فاعل للذي حل به الأسف وهو الحزن الشديد أي رجع غضبان من عصيان قومه حزينا على فساد أحوالهم .
وبئسما ضد نعما وقد مضى القول عليه في قوله تعالى ( قل بئسما يأمركم به إيمانكم ) في سورة البقرة . والمعنى بئست خلافة خلفتونيها خلافتكم .
وتقدم الكلام على فعل خلف في قوله ( اخلفني في قومي ) قريبا .
وهذا خطاب لهارون ووجوه القوم لأنهم خلفاء موسى في قومهم فيكون خلفتموني مستعملا في حقيقته ويجوز أن يكون الخطاب لجميع القوم فأما هارون فلأنه لم يحسن الخلافة بسياسة الأمة كما كان يسوسها موسى وأما القوم فلأنهم عبدوا العجل بعد غيبة موسى ومن لوازم الخلافة فعل ما كان يفعله المخلوف عنه فهم لما تركوا ما كان يفعله موسى من عبادة الله وصاروا إلى عبادة العجل فقد انحرفوا عن سيرته فلم يخلفوه في سيرته وإطلاق الخلافة على هذا المعنى مجاز فيكون فعل خلفتموني مستعملا في حقيقته ومجازه .
وزيادة ( من بعدي ) عقب خلفتموني للتذكير بالبون الشاسع بين حال الخلف وحال المخلوف عنه تصوير لفظاعة ما خلفوه به أي بعد ما سمعتم مني التحذير من الإشراك وزجركم عن تقليد المشركين حين قلتم : اجعل لنا إلها كما لهم آلهة فيكون قيد من بعدي للكشف وتصوير الحالة كقوله تعالى ( فخر عليهم السقف من فوقهم ) . ومعلوم أن السقف لا يكون إلا من فوق ولكنه ذكر لتصوير حالة الخرور وتهويلها ونظيره قوله تعالى بعد ذكر نفر من الأنبياء وصفاتهم ( فخلف من بعدهم خلف ) أي من بعد أولئك الموصوفين بتلك الصفات .
و ( عجل ) أكثر ما يستعمل قاصرا بمعنى فعل العجلة أي السرعة وقد يتعدى إلى المعمول ( بعن ) فيقال : عجل عن كذا بمعنى لم يتمه بعد أن شرع فيه وضده تم على الأمر إذا شرع فيه فأتمه ويستعمل عجل مضمنا معنى سبق فعدى بنفسه على اعتبار هذا المعنى وهو استعمال كثير .
ومعنى ( عجل ) هنا يجوز أن يكون بمعنى لم يتم وتكون تعديته إلى المفعول على نزع الخافض .
والأمر يكون بمعنى التكليف وهو ما أمرهم الله به : من المحافظة على الشريعة وانتظار رجوعه فلم يتموا ذلك واستعجلوا فبدلوا وغيروا ويجوز أن يكون بمعنى سبق أي بادرتم فيكون الأمر بمعنى الشأن أي الغضب والسخط كقوله ( أتى أمر الله فلا تستعجلوه ) وقوله ( حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور ) فالأمر هو الوعيد فإن الله حذرهم من عبادة الأصنام وتوعدهم فكان الظن بهم إن وقع منهم ذلك إن يقع بعد طول المدة فلما فعلوا ما نهوا عنه بحدثان عهد النهي جعلوا سابقين له على طريقة الاستعارة : شبهوا في مبادرتهم إلى أسباب الغضب والسخط بسبق السابق المسبوق وهذا هو المعنى الأوضح ويوضحه قوله في نظير هذه القصة في سورة طه حكاية عن موسى ( قال يا قوم ألم يعدكم ربكم وعدا حسنا أفطال عليكم العهد أم أردتم أن يحل عليكم غضب من ربكم فأخلفتم موعدي ) . وقد تعرضت التوراة إلى شيء من هذا المعنى في الإصحاح الثاني والثلاثين من سفر الخروج " وقال الله لموسى رأيت هذا الشعب فإذا هو شعب صلب الرقبة فالآن اتركني ليحمي غضبي عليهم فأفنيهم " .
A E وإلقاء الألواح رميها من يده إلى الأرض وقد تقدم بيان الإلقاء آنفا وذلك يؤذن بأنه لما نزل من المناجاة كانت الألواح في يده كما صرح به في التوراة