وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وقد قيل إن موقع من الناس مؤذن بالتعجب وإن أصل الخبر إفادة أن فاعل هذا الفعل من الناس لئلا يظنه المخاطب من غير الناس لشناعة الفعل وهذا بعيد عن القصد لأنه لو كان كما قال لم يكن للتقديم فائدة بل كان تأخيره أولى حتى يتقرر الأمر الذي يوهم أن المبتدأ ليس ( من الناس ) هذا توجيه هذا الاستعمال وذلك حيث لا يكون لظاهر الإخبار بكون المتحدث عنه من أفراد الناس كبير فائدة فإن كان القصد إفادة ذلك حيث يجهله المخاطب كقولك : من الرجال من يلبس برقعا تريد الإخبار عن القوم المدعون بالملثمين من " لمتونة " أو حيث ينزل المخاطب منزلة الجاهل كقول عبد الله بن الزبير " بفتح الزاي وكسر الباء " : .
وفي الناس إن رثت حبالك واصل ... وفي الأرض عن دار القلي متحول إذا كان حال المخاطبين حال من يظن أن المتكلم لا يجد من يصله إن قطعه هو فذكر من الناس ونحوه في مثل هذا وارد على أصل الإخبار وتقديم الخبر هنا للتشويق إلى استعلام المبتدأ وليس فيه إفادة تخصيص . وإذا علمت أن قوله من الناس مؤذن بأن المتحدث عنهم ستساق في شأنهم قصة مذمومة وحالة شنيعة إذ لا يستر ذكرهم إلا لأن حالهم من الشناعة بحيث يستحيي المتكلم أن يصرح بموصوفها وفي ذلك من تحقير شأن النفاق ومذمته أمر كبير فوردت في شأنهم ثلاث عشرة آية نعي عليهم فيها خبثهم ومكرهم وسوء عواقبهم وسفه أحلامهم وجهالتهم وأردف ذلك بشتم واستهزاء وتمثيل حالهم في أشنع الصور وهم أحرياء بذلك فإن الخطة التي تدربوا فيها تجمع مذام كثيرة إذ النفاق يجمع الكذب والجبن والمكيدة وأفن الرأي والبله وسوء السلوك والطمع وإضاعة العمر وزوال الثقة وعداوة الأصحاب واضمحلال الفضيلة . أما الكذب فظاهر وأما الجبن فلأنه لولاه لما دعاه داع إلى مخالفة ما يبطن وأما المكيدة فإنه يحمل على اتقاء الاطلاع عليه بكل ما يمكن وأما أفن الرأي فلأن ذلك دليل على ضعف في العقل إذ لا داعي إلى ذلك وأما البله فللجهل بأن ذلك لا يطول الاغترار به وأما سوء السلوك فلأن طبع النفاق إخفاء الصفات المذمومة والصفات المذمومة إذا لم تظهر لا يمكن للمربي ولا للصديق ولا لعموم الناس تغييرها على صاحبها فتبقى كما هي وتزيد تمكنا بطول الزمان حتى تصير ملكة يتعذر زوالها وأما الطمع فلأن غالب أحوال النفاق يكون للرغبة في حصول النفع وأما إضاعة العمر فلأن العقل ينصرف إلى ترويج أحوال النفاق وما يلزم إجراؤه مع الناس ونصب الحيل لإخفاء ذلك وفي ذلك ما يصرف الذهن عن الشغل بما يجدي وأما زوال الثقة فلأن الناس إن اطلعوا عليه ساء ظنهم فلا يثقون بشيء يقع منه ولو حقا وأما عداوة الإصحاب فكذلك لأنه إذا علم أن ذلك خلق لصاحبه خشي غدره فحذره فأدى ذلك إلى عداوته وأما اضمحلال الفضيلة فنتيجة ذلك كله . وقد أشار قوله تعالى ( وما هم بمؤمنين ) إلى الكذب وقوله ( يخادعون ) إلى المكيدة والجبن وقوله ( وما يخادعون إلا أنفسهم ) إلى أفن الرأي وقوله ( وما يشعرون ) إلى البله وقوله ( في قلوبهم مرض ) إلى سوء السلوك وقوله ( فزادهم الله مرضا ) إلى دوام ذلك وتزايده مع الزمان وقوله ( قالوا إنما نحن مصلحون ) إلى إضاعة العمر في غير المقصود وقوله ( قالوا إنا معكم ) مؤكدا بإن إلى قلة ثقة أصحابهم فيهم وقوله ( فما ربحت تجارتهم ) إلى أن أمرهم لم يحظ بالقبول عند أصحابهم وقوله ( صم بكم عمى فهم لا يعقلون ) إلى اضمحلال الفضيلة منهم وسيجيء تفصيل لهذا وجمع عند قوله تعالى ( في قلوبهم مرض ) .
والناس اسم جمع إنسي بكسر الهمزة وياء النسب فهو عوض عن أناسي الذي هو الجمع بالقياس لإنس وقد عوضوا عن أناسي أناس بضم الهمزة وطرح ياء النسب دل على هذا التعويض ظهور ذلك في قول عبيد بن الأبرص الأسدي يخاطب امرأ القيس : .
إن المنايا يطلع ... ن على الأناس الآمنينا A E