وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

هذا انتقال من الثناء على الكتاب ومتقلديه ووصف هديه وأثر ذلك الهدى في الذين اهتدوا به والثناء عليهم الراجع إلى الثناء على الكتاب لما كان الثناء إنما يظهر إذا تحققت آثار الصفة التي استحق بها الثناء ولما كان الشيء قد يقدر بضده انتقل إلى الكلام على الذين لا يحصل لهم الاهتداء بهذا الكتاب وسجل أن حرمانهم من الاهتداء بهديه إنما كان من خبث أنفسهم إذ نبوا بها عن ذلك فما كانوا من الذين يفكرون في عاقبة أمورهم ويحذرون من سوء العواقب فلم يكونوا من المتقين وكان سواء عندهم الإنذار وعدمه فلم يتلقوا الإنذار بالتأمل بل كان سواء والعدم عندهم وقد قرنت الآيات فريقين فريقا أضمر الكفر وأعلنه وهم من المشركين كما هو غالب اصطلاح القرآن في لفظ ( الذين كفروا ) وفريقا أظهر الإيمان وهو مخادع وهم المنافقون المشار إليهم بقوله تعالى ( ومن الناس من يقول آمنا ) . وإنما قطعت هاته الجملة عن التي قبلها لأن بينهما كمال الانقطاع إذ الجمل السابقة لذكر الهدى والمهتدين وهذه لذكر الضالين فبينهما الانقطاع لأجل التضاد ويعلم أن هؤلاء قسم مضاد للقسمين المذكورين قبله من سياق المقابلة . وتصدير الجملة بحرف التأكيد إما لمجرد الاهتمام بالخبر وغرابته دون رد الإنكار أو الشك ؛ لأن الخطاب للنبي A وللأمة وهو خطاب أنف بحيث لم يسبق شك في وقوعه ومجيء ( إن ) للاهتمام كثير في الكلام وهو في القرآن كثير . وقد تكون ( إن ) هنا لرد الشك تخريجا للكلام على خلاف مقتضى الظاهر ؛ لأن حرص النبي A على هداية الكافرين تجعله لا يقطع الرجاء في نفع الإنذار لهم وحاله كحال من شك في نفع الإنذار أو لأن السامعين لما أجري على الكتاب من الثناء ببلوغه الدرجة القصوى في الهداية يطمعهم أن تؤثر هدايته في الكافرين المعرضين وتجعلهم كالذين يشكون في أن يكون الإنذار وعدمه سواء فأخرج الكلام على خلاف مقتضى الظاهر ونزل غير الشاك منزلة الشاك . وقد نقل عن المبرد أن ( إن ) لا تأتي لرد الإنكار بل لرد الشك .
A E وقد تبين أن الذين كفروا المذكورين هنا هم فريق من المشركين الذين هم مأيوس من إيمانهم فالإتيان في ذكرهم بالتعريف بالموصول : إما أن يكون لتعريف العهد مرادا منه قوم معهودون كأبي جهل والوليد بن المغيرة وأضرابهم من رؤوس الشرك وزعماء العناد دون من كان مشركا في أيام نزول هذه الآية ثم من آمن بعد مثل أبي سفيان بن حرب وغيره من مسلمة الفتح وإما أن يكون الموصول لتعريف الجنس المفيد للاستغراق على أن المراد من الكفر أبلغ أنواعه بقرينة قوله ( لا يؤمنون ) فيكون عاما مخصوصا بالحس لمشاهدة من آمن منهم أو يكون عاما مرادا به الخصوص بالقرينة وهذان الوجهان هما اللذان اقتصر عليهما المحققون من المفسرين وهما ناظران إلى أن الله أخبر عن هؤلاء بأنهم لا يؤمنون فتعين أن يكونوا ممن تبين بعد أنه مات على الكفر . ومن المفسرين من تأول قوله تعالى ( الذين كفروا ) على معنى الذين قضي عليهم بالكفر والشقاء ونظره بقوله تعالى ( إن الذين حقت عليهم كلمات ربك لا يؤمنون ) وهو تأويل بعيد من اللفظ وشتان بينه وبين تنظيره . ومن المفسرين من حمل ( الذين كفروا ) على رؤساء اليهود مثل حيى بن أخطب وأبي رافع يعني بناء على أن السورة نزلت في المدينة وليس فيها من الكافرين سوى اليهود والمنافقين وهذا بعيد من عادة القرآن وإعراض عن السياق المقصود منه ذكر من حرم من هدى القرآن في مقابلة من حصل لهم الاهتداء به وأيا ما كان فالمعنى عند الجميع أن فريقا خاصا من الكفار لا يرجى إيمانهم وهم الذين ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وروى ذلك عن ابن عباس والمقصود من ذلك أن عدم اهتدائهم بالقرآن كان لعدم قابليتهم لا لنقص في دلالة القرآن على الخير وهديه إليه .
والكفر " بالضم " إخفاء النعمة وبالفتح : الستر مطلقا وهو مشتق من كفر إذا ستر