وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وأصل معنى ( طعموا ) أنه بمعنى أكلوا قال تعالى ( فإذا طعمتم فانتشروا ) . وحقيقة الطعم الأكل والشيء المأكول طعام . وليس الشراب من الطعام بل هو غيره ولذلك عطف في قوله تعالى ( فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه ) . ويدل لذلك استثناء المأكولات في قوله تعالى ( قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقا أهل لغير الله به ) . ويقال : طعم بمعنى أذاق ومصدره الطعم بضم الطاء اعتبروه مشتقا من الطعم الذي هو حاسة الذوق . وتقدم قوله تعالى ( ومن لم يطعمه فإنه مني ) أي ومن لم يذقه بقرينة قوله ( فمن شرب منه ) . ويقال : وجدت في الماء طعم التراب . ويقال تغير طعم الماء أي أسن . فمن فصاحة القرآن إيراد فعل ( طعموا ) هنا لأن المراد نفي التبعة عمن شربوا الخمر وأكلوا لحم الميسر قبل نزول آية تحريمهما . واستعمل اللفظ في معنييه أي في حقيقته ومجازه أو هو من أسلوب التغليب .
وإذ قد عبر بصيغة المضي في قوله ( طعموا ) تعين أن يكون ( إذا ) ظرفا للماضي وذلك على أصح القولين للنحاة وإن كان المشهور أن ( إذا ) ظرف للمستقبل والحق أن ( إذا ) تقع ظرفا للماضي . وهو الذي اختاره ابن مالك ودرج عليه ابن هشام في مغني اللبيب . وشاهده قوله تعالى ( ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم ) وقوله ( وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها ) وآيات كثيرة . فالمعنى لا جناح عليهم إذ كانوا آمنوا واتقوا ويؤول معنى الكلام : ليس عليهم جناح لأنهم آمنوا واتقوا فيما كان محرما يومئذ وما تناولوا الخمر وأكلوا الميسر إلا قبل تحريمهما .
هذا تفسير الآية الجاري على ما اعتمده جمهور المفسرين جاريا على ما ورد في من سبب نزولها في الأحاديث الصحيحة .
ومن المفسرين من جعل معنى الآية غير متصل بآية تحريم الخمر والميسر . وأحسب أنهم لم يلاحظوا ما روي في سبب نزولها لأنهم رأوا أن سبب نزولها لا يقصرها على قضية السبب بل يعمل بعموم لفظها على ما هو الحق في أن عموم اللفظ لا يخصص بخصوص السبب فقالوا : رفع الله الجناح عن المؤمنين في أي شيء طعموه من مستلذات المطاعم وحلالها إذا ما اتقوا ما حرم الله عليهم أي ليس من البر حرمان النفس بتحريم الطيبات بل البر هو التقوى فيكون من قبيل قوله تعالى ( وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى ) . وفسر به في الكشاف مبتدئا به .
وعلى هذا ا لوجه يكون معنى الآية متصلا بآية ( يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ) فتكون استئنافا ابتدائيا لمناسبة ما تقدم من النهي عن أن يحرموا على أنفسهم طيبات ما أحل الله لهم بنذر أو يمين على الامتناع .
وادعى بعضهم أن هذه الآية نزلت في القوم الذين حرموا على أنفسهم اللحوم وسلكوا طريق الترهب ؛ ومنهم عثمان بن مظعون ولم يصح أن هذا سبب نزولها . وعلى هذا التفسير يكون ( طعموا ) مستعملا في المعنى المشهور وهو الأكل وتكون كلمة ( إذا ) مستعملة في المستقبل وفعل ( طعموا ) من التعبير عن ا لمستقبل بلفظ الماضي بقرينة كلمة ( إذا ) كما في قوله تعالى ( ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون ) .
ويعكر على هذا التفسير أن الذين حرموا الطيبات على أنفسهم لم ينحصر تحريمهم في المطعوم والشراب بل يشمل اللباس والنساء اللهم إلا أن يقال : إن الكلام جرى على مراعاة الغالب في التحريم .
وقال الفخر : زعم بعض الجهال أن الله تعالى لما جعل الخمر محرمة عندما تكون موقعة للعداوة والبغضاء وصادة عن ذكر الله وعن الصلاة بين في هذه الآية أنه لا جناح على من طعمها إذا لم يحصل معه شيء من تلك المفاسد بل حصل معه الطاعة والتقوى والإحسان إلى الخلق ولا يمكن حمله على أحوال من شرب الخمر قبل نزول آية التحريم لأنه لو كان ذلك لقال ما كان جناح على الذين طعموا كما ذكر في آية تحويل القبلة فقال ( وما كان الله ليضيع إيمانكم ) ولا شك أن ( إذا ) للمستقبل لا للماضي . قال الفخر : وهذا القول مردود بإجماع كل الأمة . وأما قولهم ( إذا ) للمستقبل فجوابه أن الحل للمستقبل عن وقت نزول الآية في حق الغائبين .
A E