وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ولأن الرزء في يوسف كان قاعدة مصيباته التي ترتبت عليها الرزايا في ولده فكان الأسف عليه أسفا على من لحق به " وابيضت عيناه " إذا كثر الاستعبار محقت العبرة سواد العين وقلبته إلى بياض كدر . قيل : قد عمي بصره . وقيل : كان يدرك إدراكا ضعيفا . قرئ : من الحزن ومن الحزن الحزن كان سبب البكاء الذي حدث منه البياض فكأنه حدث من الحزن . قيل ما جفت عينا يعقوب من وقت فراق يوسف إلى حين لقائه ثمانين عاما وما على وجه الأرض أكرم على الله من يعقوب . وعن رسول الله A : أنه سأل جبريل عليه السلام : " ما بلغ من وجد يعقوب على يوسف ؟ قال : وجد سبعين ثكلى . قال : " فما كان له من الأجر " ؟ قال : أجر مائة شهيد وما ساء ظنه بالله ساعة قط " .
فإن قلت : كيف جاز لنبي الله أن يبلغ به الجزع ذلك المبلغ ؟ قلت ؟ الإنسان مجبول على أن لا يملك نفسه عند الشدائد من الحزن ولذلك حمد صبره وأن يضبط نفسه حتى لا يخرج إلى ما لا يحسن ولقد بكى رسول الله A على ولده إبراهيم وقال : " القلب يجزع والعين تدمع ولا نقول ما يسخط الرب وإنا عليك يا إبراهيم لمحزونون " وإنما الجزع المذموم ما يقع من الجهلة من الصياح والنياحة ولطم الصدور والوجوه وتمزيق الثياب . وعن النبي A .
أنه بكى على ولد بعض بناته وهو يجود بنفسه فقيل : يا رسول الله تبكي وقد نهيتنا عن البكاء ؟ فقال : " ما نهيتكم عن البكاء وإنما نهيتكم عن صوتين أحمقين : صوت عند الفرح وصوت عند الترح " وعن الحسن أنه بكى على ولد أو غيره فقيل له قي ذلك فقال : ما رأيت الله جعل الحزن عارا على يعقوب " فهو كظيم " فهو مملوء من الغيط على أولاده ولا يظهر ما يسوؤهم فعيل بمعنى مفعول بدليل قوله " وهو مكظوم " القلم : 48 ، من كظم السقاء إذا شده على ملئه والكظم بفتح الظاء : مخرج النفس . يقال : أخذ بأكظامه .
" قالوا تالله تفتؤا تذكر يوسف حتى تكون حرضا أو تكون من الهالكين " .
" تفتؤا " أراد : لاتفتؤ فحذف حرف النفي لأنه لا يلتبس بالإثبات لأنه لو كان إثباتا لم يكن بد من اللام والنون . ونحوه : .
فقلت يمين الله أبرح قاعدا .
ومعنى لا تفتؤ : لا تزال . وعن مجاهد : لا تفتر من حبه كأنه جعل الفتوء والفتور أخوين يقال : ما فتئ يفعل . قال أوس : .
فما فتئت خيل تثوب وتدعي ... ويلحق منها لاحق وتقطع .
" حرضا " مشفيا على الهلاك مرضا وأحرضه المرض ويستوي فيه الواحد والجمع المذكر والمؤنث لأنه مصدر . والصفة : حرض بكسر الراء ونحوهما : دنف ودنف جاءت القراءة بهما جميعا . وقرأ الحسن : حرضا بضمتين ونحوه في الصفات : رجل جنب وغرب .
" قال إنما أشكوا بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون " .
البث : أصعب الهم الذي لا يصبر عليه صاحبه فيبثه إلى الناس أي ينشره . ومنه : باثه أمره وأبثه إياه . ومعنى " إنما اشكوا " إني لا أشكو إلى أحد منكم ومن غيركم إنما أشكو إلى ربي داعيا له وملتجئأ إليه فخلوني وشكايتي . وهذا معنى توليه عنهم أي فتولى عنهم إلى الله والشكاية إليه . وقيل : دخل على يعقوب جاز له فقال : يا يعقوب قد تهشمت وفنيت وبلغت من السن ما بلغ أبوك فقال : هشمني وأفناني ما ابتلاني الله به من هم يوسف فأوحى الله إليه : يا يعقوب أتشكوني إلى خلقي ؟ قال : يا رب خطيئة أخطأتها فاغفر لي فغفر له فكان بعد ذلك إذا سئل قال : إنما أشكو بثي وحزني إلى الله . وروي أنه أوحي إلى يعقوب : إنما وجدت عليكم لأنكم ذبحتم شاة فقام ببابكم مسكين فلم تطعموه وإن أحب خلقي إلي الأنبياء ثم المساكين فاصنع طعاما وادع عليه المساكين . وقيل : اشترى جارية مع ولدها فباع ولدها فبكت حتى عميت " واعلم من الله ما لا تعلمون " أي أعلم من صنعه ورحمته وحسن ظني به أنه يأتيني بالفرج من حيث لا أحتسب . وروي أنه رأى ملك الموت في منامه فسأله : هل قبضت روح يوسف ؟ فقال : لا والله هو حي فاطلبه . وقرأ الحسن : وحزني بفتحتين وحزني بضمتين : قتادة .
" يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون "