" إنا بلوناهم كما بلونآ أصحب الجنة إذ أقسموا ليصر منها مصبحين ولا يستثنون فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون فأصبحت كالصريم فتنادوا مصبحين ان على حرثكم إن كنتم صارمين فانطلقوا وهم يتخافتون ان لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين وغدوا على حرد قادرين فلما رأوها قالوا إنا لضالون بل نحن محرومون قال أوسطهم ألم أقل لكم لولا تسبحون قالوا سبحن ربنا إنا ظالمين فأقبل بعضهم يتلوامون قالوا يا ويلنا إنا كنا طاغين عسى ربنا أن يبدلنا خيرا إنا إلى ربنا راغبون كذلك العذاب الأخرة اكبر لو كانوا يعلمون " إنا بلونا أهل مكة بالقحط والجوع بدعوة رسول الله صلى اله عليه وسلم عليهم " كما بلونا أصحب الجنة " وهم قوم من أهل الصلاة كانت لأبيهم هذه الجنة دون صنعاء بفرسخين فكان يأخذ منها قوت سنته ويتصدق بالباقي وكان يترك للمساكين ما أخطأه المنجل وما في أسفل الأكداس وما أخطأه القطاف من العنب وما بقي على البساط الذي يبسط تحت النخلة إذا صرمت فكان يجتمع لهم شيء كثير فلما مات قال بنوه : إن فعلنا ما كان يفعل أبونا ضاق علينا الأمر ونحن أولو عيال فحلفوا ليصرمنها مصبحين في السدف خفية عن المساكين ولم يستثنوا في يمينهم فأحرق الله جنتهم . وقيل : كانوا من بني إسرائيل " مصبحين " داهلين في الصبح مبكرين " ولا يستثنون " ولا يقولون إن شاء الله . فإن قلت : لم سمي استثناء وإنما هو شرط ؟ قلت : لنه يؤدي مؤدى الاستثناء من حيث إن معنى قولك : لأخرجن إن شاء الله ولا أخرج إلا أن يشاء الله . واحد " فطاف عليها " بلاء أو هلاك " طائف " كقوله تعالى : " وأحيط بثمره " الكهف : 42 وقرئ : طيف " فأصبحت كالصريم " كالمصرومة لهلاك ثمرها . وقيل : الصريم الليل أي .
احترقت فاسودت . وقيل : النهار أي : يبست وذهبت خضرتها . أو لم يبق فيها شيء من قولهم : بيض الإناء إذا فرغة . وقيل الصريم الرمال " صارمين " حاصدين . فغن قلت : هلا قيل : اغدوا إلى حرثكم ؛ وما معنىعلى ؟ قلت : لما كان الغدو إليه ليصرموه ويقطعوه : كان غدوا عليه كما تقول : غدا عليهم العدو . ويجوز أن يضمن الغدو معنى الإقبال كقولهم : يغدى عليه بالجفنة ويراح أي : فأقبلوا على حرثكم باكرين " يتخافتون " يتسارون فيما بينهم . وخفى وخفت وخفد : ثلاثتها في معنى الكتم ؛ ومنه الخفدود للخفاش " أن لا يدخلنها " أن مفسرة . وقرأ ابن مسعود بطرحها بإضمار القول أي يتخافتون يقولون لا يدخلنها ؛ والنهي عن الدخول للمسكين نهي لهم عن تمكينه منه أي : لا تمكنوه من الدخول حتى يدخل كقولك : لا أرينك ههنا . الحرد : من حردت السنة إذا منعت خيرها ؛ وحردت الإبل إذا منعت درها . والمعنى : وغدوا قادرين على نكد لا غير عاجزين عن النفع يعني أنهم عزموا أن يتنكدوا على المساكين ويحرموهم وهم قادرون على نفعهم فغدوا بحال فقر وذهاب مال لا يقدرون فيها إلا على النكد والحرمان وذلك انهم طلبوا حرمان المساكين فتعجلوا الحرمان والمسكنة . أو وغدوا على محارة جنتهم وذهاب خيرها قادرين بدل كونهم قادرين على إصابة خيرها ومنافعها أي : غدوا حاصلين على الحرمان مكان الانتفاع أو لما قالوا اغدوا على حرثكم وقد خبثت نيتهم : عاقبهم الله بأن حاردت جنتهم وحرموا خيرها فلم يغدوا على حرث وإنما غدوا على حرد . و " قادرين " من عكس الكلام للتهكم أي : قادرين على ما عزموا عليه من الصرام وحرمان المساكين وعلى حرد ليس بصلة قادرين وقيل : الحرد بمعنى الحرد . وقرئ : على حرد أي لم يقدروا إلا على حنق وغضب بعضهم على بعض كقوله تعالى : " يتلاومون " القلم : 30 وقيل : الحرد القصد والسرعة ؛ يقال : حردت حردك . وقال : .
أقبل سيل جاء من أمر الله ... يحرد حرد الجنة المعغلة