الذي يمر بين يدي المصلي عمدا يتمنى يوم القيامة أنه شجرة يابسة وفي المصنف عن عبد الحميد عامل عمر بن عبد العزيز قال لو يعلم المار بين يدي المصلي ما عليه لأحب أن ينكسر فخذه ولا يمر بين يديه وقال ابن مسعود المار بين يدي المصلي أنقص من الممر عليه وكان إذا مر أحد بين يديه التزمه حتى يرده وقال ابن بطال قال عمر Bه لكان يقوم حولا خير له من مروره وقال كعب الأحبار لكان أن يخسف به خيرا له من أن يمر بين يديه قوله قال أبو النضر قال الكرماني إما من كلام مالك فهو مسند وإما تعليق من البخاري قلت هو كلام مالك وليس هو من تعليق البخاري لأنه ثابت في ( الموطأ ) من جميع الطرق وكذا ثبت في رواية الثوري وابن عيينة قوله أقال الهمزة فيه للإستفهام وفاعله بسرا أو رسول الله كذا قاله الكرماني قلت الظاهر أنه بسر بن أمية .
ذكر إعرابه ) قوله ماذا عليه كلمة ما استفهام ومحله الرفع على الابتداء وكلمة ذا إشارة خبره والأولى أن تكون ذا موصولة بدليل افتقاره إلى شيء بعده لأن تقديره ماذا عليه من الإثم ثم إن ماذا عليه في محل النصب على أنه سد مسد المفعولين لقوله لو يعلم وقد علق عمله بالإستفهام قوله لكان جواب لو وكلمة أن مصدرية والتقدير لو يعلم المار ما الذي عليه من الإثم من مروره بين يدي المصلي لكان وقوفه أربعين خيرا له من أن يمر أي من مروره بين يديه وقال الكرماني جواب لو ليس هو المذكور إذ التقدير لو يعلم ماذا عليه لوقف أربعين لو وقف أربعين لكان خيرا له قلت لا ضرورة إلى هذا التقدير وهو تصرف فيه تعسف وحق التركيب ما ذكرناه قوله خيرا فيه روايتان النصب والرفع أما النصب فظاهر لأنه خبر لكان واسم كان هو قوله أن يقف لأنا قلنا إن كلمة أن مصدرية وأن التقدير لكان وقوفه أربعين خيرا له وأما وجه الرفع فقد قال ابن العربي هو اسم ولم يذكر خبر ما هو وخبر هو قوله أن يقف والتقدير لو يعلم المار ماذا عليه لكان خير وقوفه أربعين وتعسف بعضهم فقال يحتمل أن يقال اسمها ضمير الشأن والجملة خبرها .
قوله أقال أربعين يوما أو شهرا أو سنة لأنه ذكر العدد أعني أربعين ولا بد من مميز لأنه لا يخلو عن هذه الأشياء وقد أبهم ذلك ههنا فإن قلت ما الحكمة فيه قلت قال الكرماني وأبهم الأمر ليدل على الفخامة وأنه مما لا يقدر قدره ولا يدخل تحت العبارة انتهى قلت الإبهام ههنا من الراوي وفي نفس الأمر العدد معين ألا ترى كيف تعين فيما رواه ابن ماجه من حديث أبي هريرة لكان أن يقف مائة عام الحديث كما ذكرنا وكذا عين في مسند البزار من طريق سفيان بن عيينة لكان أن يقف أربعين خريفا وقال الكرماني فإن قلت هل للتخصيص بالأربعين حكمة معلومة قلت أسرار أمثالها لا يعلمها إلا الشارع ويحتمل أن يكون ذلك لأن الغالب في أطوار الإنسان أن كمال كل طور بأربعين كاطوار النطفة فإن كل طور منها بأربعين وكمال عدل الإنسان في أربعين سنة ثم الأربعة أصل جميع الأعداد لأن أجزاءه وهي عشرة ومن العشرات المآت ومنها الألوف فلما أريد التكثير ضوعف كل إلى عشرة أمثاله انتهى قلت غفل الكرماني عن رواية المائة حيث قصر في بيان الحكمة على الأربعين وقال بعضهم في التنكيت على الكرماني بأن هذه الرواية تشعر بأن إطلاق الأربعين للمبالغة في تعظيم الأمر لا لخصوص عدد معين قلت لا ينافي رواية المائة عن بيان وجه الحكمة في الأربعين بل ينبغي أن يطلب وجه الحكمة في كل منهما لأن لقائل أن يقول لم أطلق الأربعين للمبالغة في تعظيم الأمر ولم لم يذكر الخمسين أو ستين أو نحو ذلك والجواب الواضح الشافي في ذلك أن تعيين الأربعين للوجه الذي ذكره الكرماني وأما وجه ذكر الطحاوي أنه قيد بالمائة بعد التقييد بالأربعين للزيادة في تعظيم الأمر على المار لأن المقام مقام زجر وتخويف وتشديد فإن قلت من أين علم أن التقييد بالمائة بعد التقييد بالأربعين قلت وقوعهما معا مستعبد لأن المائة أكثر من الأربعين وكذا وقوع الأربعين بعد المائة لعدم الفائدة وكلام الشارع كله حكمة وفائدة والمناسبة أيضا تقتضي تأخير المائة عن الأربعين فإن قلت قد علم فيما مضى وجه الحكمة في الأربعين فما وجه الحكمة في تعيين المائة قلت المائة وسط بالنسبة إلى العشرات والألوف وخير الأمور أوسطها وهذا مما تفردت به .
ذكر ما يستفاد منه من الأحكام ) فيه أن المرور بين يدي المصلي مذموم وفاعله مرتكب الإثم وقال النووي فيه دليل على تحريم المرور فإن في الحديث النهي الأكيد والوعيد الشديد فيدل على ذلك قلت فعلى ما ذكره ينبغي أن