الكلام عليه في باب قوله تعالى في لوح محفوظ قال الخطابي المراد بالكتاب أحد شيئين اما القضاء الذي قضاه كقوله تعالى كتب الله لأغلبن انا ورسلي أي قضى ذلك قال ويكون معنى قوله فوق العرش أي عنده علم ذلك فهو لا ينساه ولا يبدله كقوله تعالى في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى واما اللوح المحفوظ الذي فيه ذكر أصناف الخلق وبيان امورهم وآجالهم وأرزاقهم وأحوالهم ويكون معنى فهو عنده فوق العرش أي ذكره وعلمه وكل ذلك جائز في التخريج على ان العرش خلق مخلوق تحمله الملائكة فلا يستحيل ان يماسوا العرش إذا حملوه وان كان حامل العرش وحامل حملته هو الله وليس قولنا ان الله على العرش أي مماس له أو متمكن فيه أو متحيز في جهة من جهاته بل هو خبر جاء به التوقيف فقلنا له به ونفينا عنه التكييف إذ ليس كمثله شيء وبالله التوفيق وقوله فوق عرشه صفة الكتاب وقيل ان فوق هنا بمعنى دون كما جاء في قوله تعالى بعوضة فما فوقها وهو بعيد وقال بن أبي جمرة يؤخذ من كون الكتاب المذكور فوق العرش ان الحكمة اقتضت ان يكون العرش حاملا لما شاء الله من أثر حكمة الله وقدرته وغامض غيبه ليستأثر هو بذلك من طريق العلم والاحاطة فيكون من أكبر الأدلة على انفراده بعلم الغيب قال وقد يكون ذلك تفسيرا لقوله الرحمن على العرش استوى أي ما شاءه من قدرته وهو كتابه الذي وضعه فوق العرش الحديث الخامس حديث أبي هريرة الذي فيه ان في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين وقد تقدم شرحه في الجهاد مع الكلام على .
6987 - قوله كان حقا على الله وان معناه معنى قوله تعالى كتب ربكم على نفسه الرحمة وليس معناه ان ذلك لازم له لأنه لا آمر له ولا ناهي يوجب عليه ما يلزمه المطالبة به وانما معناه انجاز ما وعد به من الثواب وهو لا يخلف الميعاد واما قوله مائة درجة فليس في سياقه التصريح بان العدد المذكور هو جميع درج الجنة من غير زيادة إذ ليس فيه ما ينفيها ويؤيد ذلك أن في حديث أبي سعيد المرفوع الذي أخرجه أبو داود وصححه الترمذي وبن حبان ويقال لصاحب القرآن اقرأ وارق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فان منزلك عند آخر آية تقرأها وعدد أي القرآن أكثر من ستة آلاف ومائتين والخلف فيما زاد على ذلك من الكسور وقوله فيه كل درجتين ما بينهما كما بين السماء والأرض اختلف الخبر الوارد في قدر مسافة ما بين السماء والأرض وذكر هناك ما ورد في الترمذي انها مائة عام وفي الطبراني خمسمائة ويزاد هنا ما أخرجه بن خزيمة في التوحيد من صحيحه وبن أبي عاصم في كتاب السنة عن بن مسعود قال بين السماء الدنيا والتي تليها خمسمائة عام وبين كل سماء خمسمائة عام وفي رواية وغلظ كل سماء مسيرة خمسمائة عام وبين السابعة وبين الكرسي خمسمائة عام وبين الكرسي وبين الماء خمسمائة عام والعرش فوق الماء والله فوق العرش ولا يخفى عليه شيء من أعمالكم وأخرجه البيهقي من حديث أبي ذر مرفوعا نحوه دون قوله وبين السابعة والكرسي الخ وزاد فيه وما بين السماء السابعة إلى العرش مثل جميع ذلك وفي حديث العباس بن عبد المطلب عند أبي داود وصححه بن خزيمة والحاكم مرفوعا هل تدرون بعد ما بين السماء والأرض قلنا لا قال إحدى أو اثنتان أو ثلاث وسبعون قال وما فوقها مثل ذلك حتى عد سبع سماوات ثم فوق السماء السابعة البحر أسفله من أعلاه مثل ما بين سماء إلى سماء ثم فوقه ثمانية أوعال ما بين أظلافهن وركبهن مثل ما بين سماء إلى سماء ثم العرش فوق ذلك بين أسفله وأعلاه مثل ما بين سماء إلى سماء ثم الله فوق ذلك والجمع بين اختلاف هذا العدد في هاتين الروايتين ان تحمل الخمسمائة على السير البطيء كسير الماشي على هينته وتحمل السبعين على السير السريع