الحبر تصديقا له وفي رواية جرير عنده وتصديقا له بزيادة واو وأخرجه بن خزيمة من رواية إسرائيل عن منصور حتى بدت نواجذه تصديقا لقوله وقال بن بطال لا يحمل ذكر الأصبع على الجارحة بل يحمل على انه صفة من صفات الذات لا تكيف ولا تحدد وهذا ينسب للأشعري وعن بن فورك يجوز ان يكون الأصبع خلقا يخلقه الله فيحمله الله ما يحمل الأصبع ويحتمل ان يراد به القدرة والسلطان كقول القائل ما فلان الا بين إصبعي إذا أراد الاخبار عن قدرته عليه وأيد بن التين الأول بأنه قال على أصبع ولم يقل على أصبعيه قال بن بطال وحاصل الخبر انه ذكر المخلوقات وأخبر عن قدرة الله على جميعها فضحك النبي صلى الله عليه وسلّم تصديقا له وتعجبا من كونه يستعظم ذلك في قدرة الله تعالى وان ذلك ليس في جنب ما يقدر عليه بعظيم ولذلك قرأ قوله تعالى وما قدروا الله حق قدره الآية أي ليس قدره في القدرة على ما يخلق على الحد الذي ينتهي إليه الوهم ويحيط به الحصر لأنه تعالى يقدر على امساك مخلوقاته على غير شيء كما هي اليوم قال تعالى ان الله يمسك السماوات والأرض ان تزولا وقال رفع السماوات بغير عمد ترونها وقال الخطابي لم يقع ذكر الأصبع في القرآن ولا في حديث مقطوع به وقد تقرر ان اليد ليست بجارحة حتى يتوهم من ثبوتها ثبوت الأصابع بل هو توقيف أطلقه الشارع فلا يكيف ولا يشبه ولعل ذكر الأصابع من تخليط اليهودي فان اليهود مشبهة وفيما يدعونه من التوراة ألفاظ تدخل في باب التشبيه ولا تدخل في مذاهب المسلمين واما ضحكه صلى الله عليه وسلّم من قول الحبر فيحتمل الرضا والانكار واما قول الراوي تصديقا له فظن منه وحسبان وقد جاء الحديث من عدة طرق ليس فيها هذه الزيادة وعلى تقدير صحتها فقد يستدل بحمرة الوجه على الخجل وبصفرته على الوجل ويكون الأمر بخلاف ذلك فقد تكون الحمرة لأمر حدث في البدن كثوران الدم والصفرة لثوران خلط من مرار وغيره وعلى تقدير ان يكون ذلك محفوظا فهو محمول على تأويل قوله تعالى والسموات مطويات بيمينه أي قدرته على طيها وسهولة الأمر عليه في جمعها بمنزلة من جمع شيئا في كفه واستقل بحمله من غير ان يجمع كفه عليه بل يقله ببعض أصابعه وقد جرى في أمثالهم فلان يقل كذا بأصبعه ويعمله بخنصره انتهى ملخصا وقد تعقب بعضهم إنكار ورود الأصابع لوروده في عدة أحاديث كالحديث الذي أخرجه مسلم ان قلب بن آدم بين أصبعين من أصابع الرحمن ولا يرد عليه لأنه انما نفى القطع وقال القرطبي في المفهم قوله ان الله يمسك إلى آخر الحديث هذا كله قول اليهودي وهم يعتقدون التجسيم وان الله شخص ذو جوارح كما يعتقده غلاة المشبهة من هذه الأمة وضحك النبي صلى الله عليه وسلّم انما هو للتعجب من جهل اليهودي ولهذا قرأ عند ذلك وما قدروا الله حق قدره أي ما عرفوه حق معرفته ولا عظموه حق تعظيمه فهذه الرواية هي الصحيحة المحققة واما من زاد وتصديقا له فليست بشيء فانها من قول الراوي وهي باطلة لأن النبي صلى الله عليه وسلّم لا يصدق المحال وهذه الأوصاف في حق الله محال إذ لو كان ذا يد وأصابع وجوارح كان كواحد منا فكان يجب له من الافتقار والحدوث والنقص والعجز ما يجب لنا ولو كان كذلك لاستحال أن يكون الها إذ لو جازت الإلهية لمن هذه صفته لصحت للدجال وهو محال فالمفضي إليه كذب فقول اليهودي كذب ومحال ولذلك أنزل الله في الرد عليه وما قدروا الله حق قدره وانما تعجب النبي صلى الله عليه وسلّم من جهله فظن الراوي ان ذلك التعجب تصديق وليس كذلك فان قيل قد صح حديث ان قلوب بني آدم بين أصبعين من أصابع الرحمن فالجواب انه إذا جاءنا مثل هذا في الكلام الصادق تأولناه أو توقفنا فيه إلى ان يتبين وجهه مع القطع باستحالة ظاهره