ذكر المضغة ثم تكون عظاما أربعين ليلة ثم يكسو الله العظام لحما وقد رتب الاطوار في الآية بالفاء لأن المراد انه لا يتخلل بين الطورين طور اخر ورتبها في الحديث بثم إشارة إلى المدة التي تتخلل بين الطورين ليتكامل فيها الطور وانما اتى بثم بين النطفة والعلقة لان النطفة قد لا تتكون انسانا واتى بثم في آخر الآية عند قوله ثم انشأناه خلقا اخر ليدل على ما يتجدد له بعد الخروج من بطن أمه وأما الإتيان بثم في أول القصة بين السلالة والنطفة فللإشارة إلى ما تخلل بين خلق آدم وخلق ولده ووقع في حديث حذيفة بن اسيد عند مسلم ما ظاهره يخالف حديث بن مسعود ولفظه إذا مر بالنطفة ثلاث وأربعون وفي نسخة اثنتان وأربعون ليلة بعث الله إليها ملكا فصورها وخلق سمعها وبصرها وجلدها ولحمها وعظمها ثم قال أي رب اذكر أم أنثى فيقضى ربك ما شاء ويكتب الملك ثم يقول يا رب أجله الحديث هذه رواية عمرو بن الحارث عن أبي الزبير عن أبي الطفيل عن حذيفة بن اسيد في مسلم ونسبها عياض في ثلاثة مواضع من شرح هذا الحديث إلى رواية بن مسعود وهو وهم وانما لابن مسعود في أول الرواية ذكر في قوله الشقي من شقي في بطن أمه والسعيد من وعظ بغيره فقط وبقية الحديث انما هو لحذيفة بن اسيد وقد أخرجه جعفر الفريابي من طريق يوسف المكي عن أبي الطفيل عنه بلفظ إذا وقعت النطفة في الرحم ثم استقرت أربعين ليلة قال فيجيء ملك الرحم فيدخل فيصور له عظمه ولحمه وشعره وبشره وسمعه وبصره ثم يقول أي رب اذكر أو أنثى الحديث قال القاضي عياض وحمل هذا على ظاهره لا يصح لان التصوير بأثر النطفة وأول العلقة في أول الأربعين الثانية غير موجود ولا معهود وانما يقع التصوير في آخر الأربعين الثالثة كما قال تعالى ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما الآية قال فيكون معنى قوله فصورها الخ أي كتب ذلك ثم يفعله بعد ذلك بدليل قوله بعد اذكر أو أنثى قال وخلقه جميع الأعضاء والذكورية والأنوثية يقع في وقت متفق وهو مشاهد فيما يوجد من اجنة الحيوان وهو الذي تقتضيه الخلقة واستواء الصورة ثم يكون للملك فيه تصور آخر وهو وقت نفخ الروح فيه حين يكمل له أربعة اشهر كما اتفق عليه العلماء ان نفخ الروح لا يكون الا بعد أربعة اشهر انتهى ملخصا وقد بسطه بن الصلاح في فتاويه فقال ما ملخصه اعرض البخاري عن حديث حذيفة بن اسيد اما لكونه من رواية أبي الطفيل عنه واما لكونه لم يره ملتئما مع حديث بن مسعود وحديث بن مسعود لا شك في صحته وأما مسلم فأخرجهما معا فاحتجنا إلى وجه الجمع بينهما بان يحمل إرسال الملك على التعدد فمرة في ابتداء الأربعين الثانية وأخرى في انتهاء الأربعين الثالثة لنفخ الروح واما قوله في حديث حذيفة في ابتداء الأربعين الثانية فصورها فان ظاهر حديث بن مسعود ان التصوير انما يقع بعد ان تصير مضغة فيحمل الأول على ان المراد انه يصورها لفظا وكتبا لا فعلا أي يذكر كيفية تصويرها ويكتبها بدليل ان جعلها ذكرا أو أنثى انما يكون عند المضغة قلت وقد نوزع في ان التصوير حقيقة انما يقع في الأربعين الثالثة بأنه شوهد في كثير من الاجنة التصوير في الأربعين الثانية وتمييز الذكر على الأنثى فعلى هذا فيحتمل ان يقال أول ما يبتدئ به الملك تصوير ذلك لفظا وكتبا ثم يشرع فيه فعلا عند استكمال العلقة ففي بعض الاجنة يتقدم ذلك وفي بعضها يتأخر ولكن بقي في حديث حذيفة بن اسيد انه ذكر العظم واللحم وذلك لا يكون الا بعد أربعين العلقة فيقوى ما قال عياض ومن تبعه قلت وقال بعضهم يحتمل ان يكون الملك عند انتهاء الأربعين الأولى يقسم النطفة إذا صارت علقة إلى