أصحاب الطفاوي عنه وتفرد بن المديني بالتصريح قال ولم يسمعه الأعمش من مجاهد وانما سمعه من ليث بن أبي سليم عنه فدلسه وأخرجه بن حبان في صحيحه من طريق الحسن بن قزعة حدثنا محمد بن عبد الرحمن الطفاوي عن الأعمش عن مجاهد بالعنعنة وقال قال الحسن بن قزعة ما سألني يحيى بن معين الا عن هذا الحديث وأخرجه بن حبان في روضة العقلاء من طريق محمد بن أبي بكر المقدمي عن الطفاوي بالعنعنة أيضا وقال مكثت مدة اظن ان الأعمش دلسه عن مجاهد وانما سمعه من ليث حتى رأيت على بن المديني رواه عن الطفاوي فصرح بالتحديث يشير إلى رواية البخاري التي في الباب قلت وقد أخرجه احمد والترمذي من رواية سفيان الثوري عن ليث بن أبي سليم عن مجاهد وأخرجه بن عدي في الكامل من طريق حماد بن شعيب عن أبي يحيى القتات عن مجاهد وليث وأبو يحيى ضعيفان والعمدة على طريق الأعمش وللحديث طريق أخرى أخرجه النسائي من رواية عبدة بن أبي لبابة عن بن عمر مرفوعا وهذا مما يقوى الحديث المذكور لان رواته من رجال الصحيح وان كان اختلف في سماع عبدة من بن عمر قوله اخذ رسول الله صلى الله عليه وسلّم بمنكبي فيه تعيين ما أبهم في رواية ليث عند الترمذي اخذ ببعض جسدي والمنكب بكسر الكاف مجمع العضد والكتف وضبط في بعض الأصول بالتثنية قوله كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل قال الطيبي ليست أو للشك بل للتخيير والاباحة والاحسن ان تكون بمعنى بل فشبه الناسك السالك بالغريب الذي ليس له مسكن يأويه ولا مسكن يسكنه ثم ترقى واضرب عنه إلى عابر السبيل لان الغريب قد يسكن في بلد الغربة بخلاف عابر السبيل القاصد لبلد شاسع وبينهما اودية مردية ومفاوز مهلكة وقطاع طريق فان من شأنه ان لا يقيم لحظة ولا يسكن لمحة ومن ثم عقبه بقوله إذا امسيت فلا تنتظر الصباح الخ وبقوله وعد نفسك في أهل القبور والمعنى استمر سائرا ولا تفتر فإنك ان قصرت انقطعت وهلكت في تلك الاودية وهذا معنى المشبه به واما المشبه فهو قوله وخذ من صحتك لمرضك أي ان العمر لا يخلو عن صحة ومرض فإذا كنت صحيحا فسر سير القصد وزد عليه بقدر قوتك ما دامت فيك قوة بحيث يكون ما بك من تلك الزيادة قائما مقام ما لعله يفوت حالة المرض والضعف زاد عبده في روايته عن بن عمر اعبد الله كأنك تراه وكن في الدنيا الحديث وزاد ليث في روايته وعد نفسك في أهل القبور وفي رواية سعيد بن منصور وكأنك عابر سبيل وقال بن بطال لما كان الغريب قليل الانبساط إلى الناس بل هو مستوحش منهم إذ لا يكاد يمر بمن يعرفه مستأنس به فهو ذليل في نفسه خائف وكذلك عابر السبيل لا ينفذ في سفره الا بقوته عليه وتخفيفه من الاثقال غير متثبت بما يمنعه من قطع سفره معه زاده وراحلته يبلغانه إلى بغيته من قصده شبهه بهما وفي ذلك إشارة إلى إيثار الزهد في الدنيا وأخذ البلغة منها والكفاف فكما لا يحتاج المسافر إلى أكثر مما يبلغه إلى غاية سفره فكذلك لا يحتاج المؤمن في الدنيا إلى أكثر مما يبلغه المحل وقال غيره هذا الحديث أصل في الحث على الفراغ عن الدنيا والزهد فيها والاحتقار لها والقناعة فيها بالبلغة وقال النووي معنى الحديث لاتركن إلى الدنيا ولا تتخذها وطنا ولا تحدث نفسك بالبقاء فيها ولا تتعلق منها بما لا يتعلق به الغريب في غير وطنه وقال غيره عابر السبيل هو المار على الطريق طالبا وطنه فالمرء في الدنيا كعبد أرسله سيده في حاجة إلى غير بلده فشأنه ان يبادر بفعل ما أرسل فيه ثم يعود إلى وطنه ولا يتعلق بشيء غير ما هو فيه وقال غيره المراد ان ينزل المؤمن نفسه في الدنيا منزلة الغريب فلا يعلق قلبه بشيء من بلد الغربة بل قلبه متعلق بوطنه الذي يرجع