وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ليس بواضح وإنما فيه ترك تعنيف من بذل وسعه واجتهد فيستفاد منه عدم تأثيمه وحاصل ما وقع في القصة أن بعض الصحابة حملوا النهي على حقيقته ولم يبالوا بخروج الوقت ترجيحا للنهي الثاني على النهي الأول وهو ترك تأخير الصلاة عن وقتها واستدلوا بجواز التأخير لمن اشتغل بأمر الحرب بنظير ما وقع في تلك الأيام بالخندق فقد تقدم حديث جابر المصرح بأنهم صلوا العصر بعد ما غربت الشمس وذلك لشغلهم بأمر الحرب فجوزوا أن يكون ذلك عاما في كل شغل يتعلق بأمر الحرب ولا سيما والزمان زمان التشريع والبعض الآخر حملوا النهي على غير الحقيقة وأنه كناية عن الحث والاستعجال والاسراع إلى بني قريظة وقد استدل به الجمهور على عدم تأثيم من اجتهد لأنه صلى الله عليه وسلّم لم يعنف أحدا من الطائفتين فلو كان هناك إثم لعنف من أثم واستدل به بن حبان على أن تارك الصلاة حتى يخرج وقتها لا يكفر وفيه نظر لا يخفى واستدل به غيره على جواز الصلاة على الدواب في شدة الخوف وفيه نظر قد أوضحته في باب صلاة الخوف وعلى أن الذي يتعمد تأخير الصلاة حتى يخرج وقتها يقضيها بعد ذلك لأن الذين لم يصلوا العصر صلوها بعد ذلك كما وقع عند بن إسحاق أنهم صلوها في وقت العشاء وعند موسى بن عقبة أنهم صلوها بعد أن غابت الشمس وكذا في حديث كعب بن مالك وفيه نظر أيضا لأنهم لم يؤخروها إلا لعذر تأولوه والنزاع إنما هو فيمن أخر عمدا بغير تأويل وأغرب بن المنير فادعى أن الطائفة الذين صلوا العصر لما أدركتهم في الطريق إنما صلوها وهم على الدواب واستند إلى أن النزول إلى الصلاة ينافي مقصود الإسراع في الوصول قال فإن الذين لم يصلوا عمدوا بالدليل الخاص وهو الأمر بالإسراع فترك عموم إيقاع العصر في وقتها إلى أن فات والذين صلوا جمعوا بين دليلي وجوب الصلاة ووجوب الإسراع فصلوا ركبانا لأنهم لو صلوا نزولا لكان مضادة لما أمروا به من الإسراع ولا يظن ذلك بهم مع ثقوب أفهامهم انتهى وفيه نظر لأنه لم يصرح لهم بترك النزول فلعلهم فهموا أن المراد بأمرهم أن لا يصلوا العصر إلا في بني قريظة المبالغة في الأمر بالإسراع فبادروا إلى امتثال أمره وخصوا وقت الصلاة من ذلك لما تقرر عندهم من تأكيد أمرها فلا يمتنع أن ينزلوا فيصلوا ولا يكون في ذلك مضادة لما امروا به ودعوى أنهم صلوا ركبانا يحتاج إلى دليل ولم أره صريحا في شيء من طرق هذه القصة وقد تقدم بحث بن بطال في ذلك في باب صلاة الخوف وقال بن القيم في الهدى ما حاصله كل من الفريقين مأجور بقصده إلا أن من صلى حاز الفضيلتين امتثال الأمر في الإسراع وامتثال الأمر في المحافظة على الوقت ولا سيما ما في هذه الصلاة بعينها من الحث على المحافظة عليها وأن من فاتته حبط عمله وإنما لم يعنف الذين أخروها لقيام عذرهم في التمسك بظاهر الأمر ولأنهم اجتهدوا فأخروا لامتثالهم الأمر لكنهم لم يصلوا إلى أن يكون اجتهادهم أصوب من اجتهاد الطائفة الأخرى وأما من احتج لمن أخر بأن الصلاة حينئذ كانت تؤخر كما في الخندق وكان ذلك قبل صلاة الخوف فليس بواضح لاحتمال أن يكون التأخير في الخندق كان عن نسيان وذلك بين في قوله صلى الله عليه وسلّم لعمر لما قال له ما كدت أصلي العصر حتى كادت الشمس أن تغرب فقال والله ما صليتها لأنه لو كان ذاكرا لها لبادر إليها كما صنع عمر انتهى وقد تقدم تأخير الصلاة في الخندق في كتاب الصلاة بما يغني عن إعادته