دون سهم الفرس قوله ولا يسهم لأكثر من فرس هو بقية كلام مالك وهو قول الجمهور وقال الليث وأبو يوسف وأحمد وإسحاق يسهم لفرسين لا لأكثر وفي ذلك حديث أخرجه الدارقطني بإسناد ضعيف عن أبي عمرة قال أسهم لي رسول الله صلى الله عليه وسلّم لفرسي أربعة أسهم ولي سهما فأخذت خمسة أسهم قال القرطبي ولم يقل أحد أنه يسهم لأكثر من فرسين الا ما روى عن سليمان بن موسى أنه يسهم لكل فرس سهمان بالغا ما بلغت ولصاحبه سهما أي غير سهمي الفرس قوله عن عبيد الله هو بن عمر العمري قوله جعل للفرس سهمين ولصاحبه سهما أي غير سهمي الفرس فيصير للفارس ثلاثة أسهم وسيأتي في غزوة خيبر أن نافعا فسره كذلك ولفظه إذا كان مع الرجل فرس فله ثلاثة أسهم فإن لم يكن معه فرس فله سهم ولأبي داود عن أحمد عن أبي معاوية عن عبيد الله بن عمر بلفظ أسهم لرجل ولفرسه ثلاثة أسهم سهما له وسهمين لفرسه وبهذا التفسير يتبين أن لا وهم فيما رواه أحمد بن منصور الرمادي عن أبي بكر بن أبي شيبة عن أبي أسامة وبن نمير كلاهما عن عبيد الله بن عمر فيما أخرجه الدارقطني بلفظ أسهم للفارس سهمين قال الدارقطني عن شيخه أبي بكر النيسابوري وهم فيه الرمادي وشيخه قلت لا لأن المعنى أسهم للفارس بسبب فرسه سهمين غير سهمه المختص به وقد رواه بن أبي شيبة في مصنفه ومسنده بهذا الإسناد فقال للفرس وكذلك أخرجه بن أبي عاصم في كتاب الجهاد له عن بن أبي شيبة وكأن الرمادي رواه بالمعنى وقد أخرجه أحمد عن أبي أسامة وبن نمير معا بلفظ أسهم للفرس وعلى هذا التأويل أيضا يحمل ما رواه نعيم بن حماد عن بن المبارك عن عبيد الله مثل رواية الرمادي أخرجه الدارقطني وقد رواه علي بن الحسن بن شقيق وهو أثبت من نعيم عن بن المبارك بلفظ أسهم للفرس وتمسك بظاهر هذه الرواية بعض من احتج لأبي حنيفة في قوله أن للفرس سهما واحدا ولراكبه سهم آخر فيكون للفارس سهمان فقط ولا حجة فيه لما ذكرنا واحتج له أيضا بما أخرجه أبو داود من حديث مجمع بن جارية بالجيم والتحتانية في حديث طويل في قصة خيبر قال فأعطى للفارس سهمين وللراجل سهما وفي إسناده ضعف ولو ثبت يحمل على ما تقدم لأنه يحتمل الأمرين والجمع بين الروايتين أولى ولا سيما والاسانيد الأولة أثبت ومع رواتها زيادة علم وأصرح من ذلك ما أخرجه أبو داود من حديث أبي عمرة أن النبي صلى الله عليه وسلّم أعطى للفرس سهمين ولكل إنسان سهما فكان للفارس ثلاثة أسهم وللنسائي من حديث الزبير أن النبي صلى الله عليه وسلّم ضرب له أربعة أسهم سهمين لفرسه وسهما له وسهما لقرابته قال محمد بن سحنون انفرد أبو حنيفة بذلك دون فقهاء الأمصار ونقل عنه أنه قال أكره أن أفضل بهيمة على مسلم وهي شبهة ضعيفة لأن السهام في الحقيقة كلها للرجل قلت لو لم يثبت الخبر لكانت الشبهة قوية لأن المراد المفاضلة بين الراجل والفارس فلولا الفرس ما ازداد الفارس سهمين عن الراجل فمن جعل للفارس سهمين فقد سوى بين الفرس وبين الرجل وقد تعقب هذا أيضا لأن الأصل عدم المساواة بين البهيمة والإنسان فلما خرج هذا عن الأصل بالمساواة فلتكن المفاضلة كذلك وقد فضل الحنفية الدابة على الإنسان في بعض الأحكام فقالوا لو قتل كلب صيد قيمته أكثر من عشرة آلاف أداها فإن قتل عبدا مسلما لم يؤد فيه الا دون عشرة آلاف درهم والحق أن الاعتماد في ذلك على الخبر ولم ينفرد أبو حنيفة بما قال فقد جاء عن عمر وعلي وأبي موسى لكن الثابت عن عمر وعلي كالجمهور واستدل للجمهور من حيث المعنى بأن الفرس يحتاج إلى مؤنة لخدمتها وعلفها وبأنه يحصل بها من الغنى في الحرب ما لا يخفى واستدل به على أن المشرك إذا حضر الوقعة